عند تعدد الحاكم من التمانع في الشيء، وعدم الاتفاق عليه، ويوجد التمانع؛ لأن كل أمر صدر عن اثنين، فأكثر لم يجر على النظام، ويدل العقل على ذلك، وذلك أنّا لو قدرنا إلهين، لكان أحدهما إذا انفرد صح منه تحريك الجسم، وإذا انفرد الثاني صح منه تسكينه، فإذا اجتمعا؛ وجب أن يبقيا على ما كانا عليه حال الانفراد، فعند الاجتماع يصح أن يحاول أحدهما التحريك، والآخر التسكين، فإما أن يحصل المرادان وهو محال، وإما أن يمتنعا وهو أيضا محال؛ لأن كل واحد منهما يكون عاجزا، فوجب القول بوجود إلهين يوجب الفساد، فكان القول به باطلا. انتهى. جلال، وجمل نقلا عن كرخي. وانظر الآية رقم [٤٢] من سورة (الإسراء) والآية رقم [٩١] من سورة (المؤمنون).
{فَسُبْحانَ:} انظر الآية رقم [١] من سورة (النحل). {اللهُ:} انظر الآية رقم [١] من سورة (الكهف). {رَبِّ:} انظر الآية رقم [٨] من سورة (الإسراء). {الْعَرْشِ:} قال الراغب في كتابه (مفردات القرآن): وعرش الله عز وجل لا يعلمه البشر إلا بالاسم، لا بالحقيقة، وليس هو كما تذهب إليه أوهام العامة، فإنه لو كان كذلك؛ لكان حاملا له، تعالى الله عن ذلك. هذا؛ وقال سليمان الجمل: وأما المراد به هنا فهو الجسم النوراني المرتفع على كل الأجسام المحيط بكلها. وانظر ما ذكرته في آية الكرسي [٢٥٥] من سورة (البقرة).
هذا؛ وفي سورة (الرعد): {ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ} وفي سورة (طه): {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى} فمعنى استوى: استولى، ولا يجوز تفسيره باستقر، وثبت، فيكون الله من صفات الحوادث، وهذا التأويل ينبغي أن يقال في كل ما يوهم وصفا لا يليق به تعالى، والمنقول عن جعفر الصادق، والحسن، وأبي حنيفة، ومالك-رضي الله عنهم أجمعين-أن الاستواء معلوم، والتكييف فيه مجهول، والإيمان به واجب، وجحوده كفر، والسؤال عنه بدعة.
وهو مثل قول الإمام علي كرم الله وجهه: الاستواء غير مجهول، والتكييف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة؛ لأنه تعالى كان ولا مكان، فهو على ما كان قبل خلق المكان لم يتغّير عمّا كان. ومضمون:{فَسُبْحانَ..}. إلخ تنزيه الله عما وصفه به المشركون، والنصارى من اتخاذ الصاحبة، والولد. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه. هذا؛ وأهل السلف يقولون: استوى استواء يليق به، ليس كمثله شيء.
الإعراب:{لَوْ:} حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {كانَ:} ماض ناقص. {فِيهِما:} متعلقان بمحذوف خبر {كانَ} مقدم، والميم والألف حرفان دالان على التثنية. {آلِهَةٌ:} اسم كان مؤخر.
{إِلاَّ:} اسم بمعنى «غير» وقال الفراء بمعنى: «سوى» صفة آلهة، ظهر إعرابه على ما بعده بطريق العارية لكونه على صورة الحرف و {إِلاَّ} مضاف، ولفظ الجلالة مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة {إِلاَّ} التي على صورة الحرف، وقال المبرد: إن اسم {اللهُ:} بدل من آلهة، ورده ابن هشام في المغني، وناقشه طويلا.