للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام الفخر الرازي: والجهاد ثلاثة أنواع:

١ - جهاد فيما بينه وبين نفسه، وهو قهر النفس، ومنعها عن اللذات والشهوات.

٢ - جهاد فيما بينه وبين الخلق، وهو أن يدع الطمع منهم، ويشفق عليهم ويرحمهم.

٣ - جهاد أعداء الله بالنفس، والمال نصرة لدين الله. انتهى. صفوة التفاسير.

والأول هو الجهاد الأكبر؛ الذي نبه عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقد روى البيهقي بإسناد حسن صحيح:

أن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حين قدموا من الجهاد تلقاهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقال لهم: «مرحبا بكم! قدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر». قالوا: وما الجهاد الأكبر يا رسول الله؟! قال: «جهاد النفس». هذا؛ وبالإضافة لما ذكرته في الاية رقم [٤] أذكر ما يلي:

عن عمران بن حصين-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «مقام الرجل في الصفّ في سبيل الله أفضل من عبادة الرّجل ستين سنة». أخرجه الحاكم. وعن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ في الجنّة مئة درجة، أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدّرجتين، كما بين السماء والأرض». أخرجه البخاري. هذا؛ وقال تعالى في سورة (النساء) رقم [٩٥]: {لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً}.

وعن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-: أن أعرابيا أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله! الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل؛ ليذكر، والرجل يقاتل؛ ليرى مكانه؛ فمن في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله». أخرجه البخاري، ومسلم، وغيرهما.

الإعراب: {تُؤْمِنُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله. {بِاللهِ:}

متعلقان بما قبلهما. {وَرَسُولِهِ:} الواو: حرف عطف. (رسوله): معطوف على لفظ الجلالة، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، وهي بمنزلة جواب السؤال المقدر، كأنهم قالوا: كيف نعمل؟ فقال: {تُؤْمِنُونَ..}. إلخ. وقيل: الجملة في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هي تؤمنون، وعليه فالجملة الاسمية مفسرة للتجارة لا محل لها، والخبر نفس المبتدأ، فلا رابط لها، والفعل عند سيبويه، والمبرد، والزجاج بمعنى: آمنوا.

ولهذا أجيب بقوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ} بالجزم على أنه جواب للأمر، ويدل عليه قراءة ابن مسعود-رضي الله عنه-: «(آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا)» وإنما جيء به على لفظ الخبر للإيذان بوجوب الامتثال، فهو يخبر عن إيمان، وجهاد موجودين. وقال الفراء: الفعل: {يَغْفِرْ لَكُمْ}

<<  <  ج: ص:  >  >>