للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقولهن عند رؤيته. {لَيَسْجُنُنَّهُ حَتّى حِينٍ} أي: إلى مدة يرون رأيهم فيها، وقال عطاء: إلى أن تنقطع مقالة الناس. انتهى. وهذا هو المعتمد. هذا؛ وقرئ: «(عتى حين)» بقلب الحاء عينا، وهي لغة هذيل، وثقيف في {حَتّى،} والحين: الوقت قليلا، كان، أو كثيرا، والمدة من الزمن قصيرة كانت أو طويلة، وجمعه: أحيان. وجمع الجمع: أحايين، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٥] من سورة (إبراهيم) عليه السّلام، وهو بكسر الحاء، وأما بفتحها؛ فهو الهلاك والموت.

هذا؛ وأصل رأوا: (رأى) فلما اتصل به واو الجماعة صار (رءاوا) فالتقى ساكنان:

الألف والواو، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، ثم حركت الواو بالضمة لالتقائها ساكنة مع ما بعدها، ولم تحرك بالكسرة؛ لأن الكسرة لا تناسبها، وقيل: حركت بالضم دون غيره، ليفرق بين الواو الأصلية، وبين واو الجماعة في نحو قولك: (لو اجتهدت؛ لنجحت) وقيل:

ضمت لأن الضمة هنا أخف من الكسرة؛ لأنها من جنس الواو، وقيل: حركت بحركة الياء المحذوفة، وقيل: غير ذلك، وأصل {لَيَسْجُنُنَّهُ}: (بسجن)، فاتصل به واو الجماعة فصار (يسجنون)، فاتصل به نون التوكيد الثقيلة، فصار (ليسجنوننّه) فحذفت النون التي هي علامة الرفع لتوالي النونات، فصار (ليسجنونّه) فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، وبقيت الضمة على النون قبلها دليلا عليها، فصار {لَيَسْجُنُنَّهُ،} هذا؛ وقرئ «(لتسجننه)» بالتاء، ولا يتغير الإعلال والإعراب، وقرئ: «(عتى)» بلغة هذيل.

الإعراب: {ثُمَّ}: حرف عطف. {بَدا}: ماض مبني على فتح مقدر على الألف. {لَهُمْ}:

متعلقان به. {مِنْ بَعْدِ}: متعلقان بالفعل قبلهما. {ما}: مصدرية. {رَأَوُا}: ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والواو فاعله، والألف للتفريق، {الْآياتِ}:

مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة... إلخ، و (ما) والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالإضافة، التقدير: من بعد رؤيتهم الآيات. {لَيَسْجُنُنَّهُ}: اللام: واقعة في جواب قسم محذوف (يسجننه): مضارع مرفوع، وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي الأمثال، وواو الجماعة المحذوفة المدلول عليها بالضمة فاعله، والنون للتوكيد حرف لا محل له، والهاء مفعول به. {حَتّى حِينٍ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وحتى بمعنى إلى، وجملة: {لَيَسْجُنُنَّهُ..}. إلخ جواب قسم محذوف لا محل لها. بعد هذا في فاعل {بَدا} ثلاثة أوجه، أحدها: هو محذوف دل عليه الكلام بعده، التقدير: ثم بدا لهم سجنه، وعليه فالقسم وجوابه معمول لقول مضمر، وذلك القول المضمر في محل نصب على الحال، أي: قائلين: والله ليسجننه، والثاني: أن الفاعل مضمر، وهو مصدر {بَدا،} أي: بدا لهم بداء، فأضمر، وقيل: المعنى: ثم بدا لهم رأي: لم يكونوا يعرفونه، وحذف هذا لأن في الكلام دليلا عليه، هذا؛ وأجاز هشام وثعلب -وهما كوفيان-اعتبار الجملة القسمية فاعلا للفعل: {بَدا،} انظر الشاهد رقم [٧٩٣] من كتابنا:

«فتح القريب المجيب» والكلام عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>