للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنزل الله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ..}. إلخ الآية من سورة (الأحزاب). أخرجه الترمذي.

وقيل: قال الرجال: نرجو أن يكون أجرنا على الضّعف من أجر النساء كالميراث. وقالت النّساء: نرجو أن يكون وزرنا على النّصف من وزر الرّجال، كالميراث، فنزلت.

هذا؛ وأصل التمنّي: تقدير الشيء في النّفس، وتصديره فيها، وذلك قد يكون عن تخمين أن يحصل له مال غيره مع زوال النّعمة عن ذلك الغير، فهذا القسم هو الحسد، وهو مذموم؛ لأنّ الله تعالى يفيض نعمه على من يشاء من عباده، وهذا الحاسد يعترض على الله تعالى فيما فعل، وربما اعتقد في نفسه: أنّه أحقّ بالنعمة من ذلك الإنسان أيضا، فهذا اعتراض أيضا، وهو مذموم. القسم الثاني: أن يتمنّى مثل مال غيره، ولا يحبّ أن يزول المال عن الغير، وهذا حسد الغبطة، وهذا ليس بمذموم، ومن الناس من منع منه أيضا، قال: لأنّ تلك النعمة ربّما كانت مفسدة في حقّه في الدّين، أو في الدّنيا.

قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: لا تتمنّ مال فلان، ولا مال فلان، فلا تدري لعلّ هلاكك في ذلك المال، فليعلم العبد: أنّ الله تعالى أعلم بمصالح عباده، فليرض بقضائه، ولتكن أمنيته الزيادة من عمل الآخرة، وليقل: اللهم أعطني ما يكون صلاحا لي في ديني، ودنياي، ومعادي. والمعنى: اطلبوا الفضل بالعمل، لا بالحسد، ولا بالأماني الباطلة. قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «ليس الإيمان بالتّمنّي، ولكن ما وقر في القلب، وصدّقه العمل».

هذا؛ والتمنّي: طلب الشيء البعيد حصوله، بخلاف الترجّي، فإنّه طلب الشيء الممكن حصوله، وتمنّى الشيء: أحبه، ورغب فيه. ويأتي تمنّى بمعنى قرأ، قيل به في قوله تعالى في سورة (الحج) رقم [٥٢]: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} أي: إذا قرأ ألقى الشّيطان في تلاوته، انظر شرحها هناك، فإنّه جيد. والحمد لله! وأنشد الشّاعر في عثمان بن عفّان-رضي الله عنه-: [الطويل]

تمنّى كتاب الله آخر ليلة... تمنّي داود الزّبور على رسل

وقال كعب بن مالك-رضي الله عنه-فيه أيضا: [الطويل]

تمنّى كتاب الله أول ليلة... وآخره لاقى حمام المقادر

{لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا..}. إلخ: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يعني: ممّا ترك الوالدان والأقربون من الميراث، يقول: للذّكر مثل حظ الأنثيين. وقيل: هو الاكتساب في الأجر، يعني: أنّ الرّجال، والنساء في الأجر في الآخرة سواء؛ لأنّ الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها، يستوي في ذلك الرّجال، والنّساء، وإن فضّل الرّجال في الدنيا على النّساء.

وقيل: للرّجال نصيب ممّا اكتسبوا من أمر الجهاد، وللنّساء نصيب مما اكتسبن، يعني: من طاعة

<<  <  ج: ص:  >  >>