للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى قلب حقيقة، ولا إفساد دليل، فإنّه من مجوزات العقول، فإذا أخبر الشارع بوقوعه؛ وجب اعتقاده، ولا يجوز تكذيبه.

ومذهب أهل السنّة: أنّ العين إنما تفسد وتهلك عند مقابلة هذا الشخص، الذي هو العائن لشخص آخر، فتؤثر فيه بقدرة الله تعالى وفعله، وقوله: «ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين». فيه إثبات القدر، وأنه حق. والمعنى: أن الأشياء كلها بقدر الله، ولا يقع شيء إلا على حسب ما قدّر الله، وسبق به علمه، ولا يقع ضرر العين وغيره من الخير والشر إلا بقدرة الله.

قال تعالى: {وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ} رقم [١٠٢] من سورة (البقرة)، وقوله:

{وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ} سورة (المجادلة) رقم [١٠]. هذا بالإضافة لما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من أدعية للوقاية من الإصابة بالعين، ولما ورد عنه صلّى الله عليه وسلّم من علاج للاستشفاء منها، وأذكر:

أن الحسن البصري-رحمه الله تعالى-قال: دواء من أصابته العين أن تقرأ عليه هذه الآية: {وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا..}. إلخ أقول: وأضيف إليه أن تقول: بسم الله حبس حابس، وحجر يابس، وشهاب قابس، وليل دامس، ردّت عين العاين، وعلى أحبّ الناس إليه {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ}.

{وَيَقُولُونَ} أي: يقول كفار قريش حين سمعوا القرآن من النبي صلّى الله عليه وسلّم: {إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ:} يعنون حبيب الحق، وسيد الخلق صلّى الله عليه وسلّم. وهذا أحد أقاويلهم فيه، كما قالوا عنه: ساحر، وكاهن، وشاعر. والمعنى: هم في حيرة، وهمّهم تنفير الناس عنه، فلم يفلحوا، وقد حقّق الله وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزمهم في غزوة بدر أشنع هزيمة.

الإعراب: {وَإِنْ:} (الواو): حرف استئناف. (إن): مخففة من الثقيلة مهملة لا عمل لها، وهذا عند البصريين، ويقول الكوفيون: هي بمعنى ما النافية. {يَكادُ:} فعل مضارع ناقص.

{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع اسم {يَكادُ}. {كَفَرُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {لَيُزْلِقُونَكَ:} (اللام): هي الفارقة بين النفي، والإثبات عند البصريين، وعند الكوفيين هي بمعنى: إلا؛ إذ المعنى عندهم: ما يكاد الذين كفروا إلا... إلخ. وقول البصريين هو المعتمد في هذه المسألة. هذا؛ وقال الجمل: إن مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن. وهو ضعيف، والمعتمد: أنها مهملة كما قدمت. قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته: [الرجز]

وخفّفت إنّ فقلّ العمل... وتلزم اللام إذا ما تهمل

(يزلقونك): فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والكاف مفعول به.

والجملة الفعلية في محل نصب خبر {يَكادُ}. والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {بِأَبْصارِهِمْ:}

متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {لَمّا:} ظرف بمعنى: «حين» مبني على

<<  <  ج: ص:  >  >>