{وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها:} كرام أهلها. {أَذِلَّةً:} بسبب نهب أموالهم، وتخريب ديارهم، وغير ذلك من القتل، والأسر، يفعلون ذلك ظلما وعدوانا؛ كي يستقيم لهم الأمر، ويستتب لهم الملك. {وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ:} تأكيد لما وصفت من حالهم، وتقرير بأن ذلك من عادتهم الثابتة المستمرة، أو هو من قول الله تعالى، فيكون تصديقا منه-جل ذكره، وتعالى شأنه-لما قالت، وتعريفا لمحمد صلّى الله عليه وسلّم وأمته بذلك، وإخبارا به.
قال وهب بن منبه: لما قرأت عليهم الكتاب؛ لم تعرف اسم الله، فقالت: ما هذا؟ فقال بعض القوم: ما نظن هذا إلا عفريتا عظيما من الجن، يقتدر به هذا الملك على ما يريده، فسكّتوه، وقال آخر: أراهم ثلاثة من العفاريت، فسكّتوه. فقال شاب قد علم: يا سيدة الملوك، إن سليمان ملك قد أعطاه ملك السماء ملكا عظيما، فهو لا يتكلم بكلمة إلا بدأ فيها بتسمية إلهه، و «الله» اسم مليك السماء، و {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} نعوته. فعند ذلك قالت: أفتوني في أمري... إلخ. انتهى. قرطبي باختصار منه.
الإعراب:{قالَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل يعود إلى بلقيس تقديره:«هي».
{إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الْمُلُوكَ:} اسم {إِنَّ}. {إِذا:} ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك مبني على السكون في محل نصب.
{دَخَلُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {قَرْيَةً:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله عند بعض النحاة، وفي مقدمتهم سيبويه، والمحققون، وعلى رأسهم الأخفش ينصبونه على التوسع في الكلام بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب عندهم انتصاب المفعول به على السعة بإجراء اللازم مجرى المتعدي، ومثل ذلك قل في:(دخلت، ونزلت البلد، وسكنت الشام) وجملة: {دَخَلُوا قَرْيَةً} في محل جر بإضافة {إِذا} إليها على المشهور المرجوح. {أَفْسَدُوها:} ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية جواب (إذا) لا محل لها.
(جعلوا): ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {أَعِزَّةَ:} مفعول به أول، و {أَعِزَّةَ} مضاف، و {أَهْلِها} مضاف إليه، و (ها): ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {أَذِلَّةً:} مفعول به ثان، وجملة:{وَجَعَلُوا..}. إلخ معطوفة على جواب:{إِذا} لا محل لها أيضا، و {إِذا} ومدخولها في محل رفع خبر: {إِنَّ،} والجملة الاسمية: {إِنَّ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة:
{قالَتْ} مستأنفة، لا محل لها. {وَكَذلِكَ:} الواو: حرف استئناف (كذلك) الكاف: حرف تشبيه وجر، و (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف عامله ما بعده، التقدير: يفعلون فعلا كائنا مثل ذلك، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها؛ إن كانت من قول الله تعالى ابتداء، وفي محل نصب مقول القول؛ إن كانت من قول بلقيس. والأول أقوى، ومثل هذا يسميه المحدّثون مدرجا.