{مِنَ الظُّلُماتِ} أي: ظلمات الكفر. {إِلَى النُّورِ} أي: نور الإيمان. هذا؛ والظلمات جمع: ظلمة، وهي الكفر، والنفاق، والجهل، ونحو ذلك. وأيضا جمعت لتعدد فنون الضلال، والمعاصي، ولم يجمع النور؛ لأن الإيمان واحد لا يتعدد. هذا؛ وإن في الكلام استعارة، حيث استعير لفظ الظلمات للكفر، وما يلحق به، والجامع فيهما عدم الاهتداء. واستعير لفظ النور للإيمان بجامع الاهتداء في كل منهما.
{وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً:} فهو اعتناء بصلاح أمرهم، وظهور شرفهم، وبشارة لجميع المؤمنين، وإشارة إلى أن قوله:{يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} غير مختص بالسامعين وقت نزول الوحي؛ بل هو عام لجميع المؤمنين. هذا؛ والملائكة أجسام نورانية، لطيفة قادرة على التشكل بأشكال مختلفة حسنة، لا يأكلون، ولا يشربون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا ينامون، ولا يموتون، ولا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، يلهمون التسبيح، كما يلهمون النفس، ولا يوصفون بذكورة، ولا بأنوثة، فمن وصفهم بذكورة فسق، ومن وصفهم بأنوثة كفر، وهم كثيرون، لا يعلم عددهم إلا الله تعالى، حيث قال جل ذكره:{وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ} يقومون بأعمال مختلفة، كلّ فيما وكل إليه من أعمال. ورؤساؤهم عشرة: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وعزرائيل، ورقيب، وعتيد، ومنكر، ونكير، ورضوان خازن الجنة، ومالك خازن النار، عليهم ألف صلاة، وألف سلام، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١] من سورة (فاطر).
الإعراب:{هُوَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ. {يُصَلِّي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى {الَّذِي،} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والجملة الاسمية:{هُوَ الَّذِي..}. إلخ مستأنفة فيها معنى التعليل للكلام السابق. {عَلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {وَمَلائِكَتُهُ:} الواو: حرف عطف. (ملائكته): معطوف على فاعل {يُصَلِّي} المستتر، وجاز ذلك للفصل بالجار والمجرور، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {لِيُخْرِجَكُمْ:} مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل مستتر تقديره:«هو» يعود إلى (الله)، والكاف مفعول به، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {يُصَلِّي} أيضا. {مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ:} كلاهما متعلقان بالفعل: (يخرج). {وَكانَ:}
الواو: حرف استئناف. (كان): فعل ماض ناقص، واسمه مستتر يعود إلى (الله) أيضا.
{بِالْمُؤْمِنِينَ:} متعلقان بما بعدهما. {رَحِيماً:} خبر (كان)، وجملة:{وَكانَ..}. إلخ مستأنفة، وقال الجمل نقلا عن أبي السعود: اعتراض مقرر لمضمون ما قبله، أي: كان بكافة المؤمنين الذين أنتم من زمرتهم رحيما.