للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البقاء: حال من الضمير المستتر في: {خالِدِينَ} فتكون حالا متداخلة، أو هي مستأنفة، لا محل لها. أفاده مكيّ، رحمه الله. {وَلا:} الواو: حرف عطف. ({لا}): نافية. {هُمْ:} مبتدأ.

{يُنْظَرُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {وَلا هُمْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب حال أيضا.

هذا؛ وذكرت لك: أنّ {خالِدِينَ} حال مقدرة؛ إذ الحال بالنسبة للزّمان على ثلاثة أقسام:

حال مقارنة، وهي الغالبة، نحو قوله تعالى حكاية عن قول امرأة إبراهيم-على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {وَهذا بَعْلِي شَيْخاً}. وحال مقدرة، وهي المستقبلة، نحو قوله تعالى: {فَادْخُلُوها خالِدِينَ}. ومنها الحال في هذه الآية، كما رأيت، وحال محكية، وهي الحال الماضية، نحو: جاء زيد أمس راكبا. وهناك الحال الموطئة، وهي التي تذكر توطئة للصفة بعدها؛ بمعنى: أن المقصود الصّفة، وهذا كثير في القرآن الكريم، خذ قوله تعالى:

{وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ} ف‍: {آياتٍ} حال من الضمير المنصوب، وليست مقصودة.

هذا؛ والحال أيضا على نوعين: مؤسّسة، ومؤكّدة، فالأولى هي التي لا يستفاد معناها بدونها، نحو جاء زيد ضاحكا، ونحوه، وأكثر ما تأتي الحال من هذا النوع مبينة هيئة فاعل، أو مفعول. والمؤكدة هي التي يستفاد معناها بدونها، وإنما يؤتى بها للتوكيد، وهذه ثلاثة أنواع:

الأولى: ما يؤتى بها لتوكيد عاملها، وهي الّتي توافقه معنى فقط، أو معنى، ولفظا، فالأول: كقوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها،} وقوله تعالى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}. والثاني: نحو قوله تعالى: {وَأَرْسَلْناكَ لِلنّاسِ رَسُولاً}.

النوع الثاني: ما يؤتى بها لتوكيد صاحبها، نحو قوله تعالى: {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}.

النوع الثالث: ما يؤتى بها لتوكيد مضمون جملة معقودة من اسمين معرفتين جامدين، نحو قوله تعالى: {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ} وقول سالم بن دارة اليربوعي-وهو الشاهد رقم [٣٨٥] من كتابنا: «فتح رب البرية» -: [البسيط]

أنا ابن دارة معروفا بها نسبي... وهل بدارة يا للنّاس من عار؟

وهناك الحال اللازمة في قراءة من قرأ قوله تعالى في سورة (ص) رقم [٢٩]: {كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ} بالنّصب؛ لأن البركة لا تفارق الكتاب، وهو القرآن. وأيضا قوله تعالى في الآية رقم [١٩١] الآتية: {رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً}.

وأخيرا خذ الحال السببية، ولم يذكرها أحد من المفسرين، ولا المعربين، ومثالها قوله تعالى في سورة (الأنبياء): {لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ،} وقوله تعالى في سورة (المعارج) وفي سورة (ن):

<<  <  ج: ص:  >  >>