منبها له على أنهم ليسوا بأهل للاستغفار-لأنهم لا يؤمنون-بقوله تعالى:{سَواءٌ عَلَيْهِمْ..}. إلخ، نظيره قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٦]، وفي سورة (يس) رقم [١٠]: {وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ،} وقوله تعالى في سورة (الشعراء) رقم [١٣٦]: {قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ}. {لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} ذنوبهم لخبث نياتهم وسوء أعمالهم. {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ:} انظر مثل هذه الجملة في سورة (الصف) رقم [٥]. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (التوبة) رقم [٨٠]: {اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ..}. إلخ انظر سبب نزولها، وشرحها هناك؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
{سَواءٌ:} مصدر بمعنى: الاستواء؛ فلذا صح الإخبار به عن متعدد. وقيل: هو اسم بمعنى: مستو، وهو لا يثنى، ولا يجمع. قالوا: هما، وهم سواء، فإذا أرادوا لفظ المثنى؛ قالوا: سيان، وإن شئت قلت: سواآن، وفي الجمع: هم أسواء، وهذا كله ضعيف، ونادر، وأيضا على غير القياس: هم سواس، وسواسية؛ أي: متساويان، ومتساوون. هذا؛ ويأتي بمعنى: الوسط، كما في قوله تعالى في سورة (الصافات) رقم [٥٥]: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ} ويأتي بمعنى: العدل، كما في قوله تعالى:{فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ} رقم [٥٨] من سورة (الأنفال). وسواء الشيء: غيره. قال الأعشى:[الطويل] تجانف عن جوّ اليمامة ناقتي... وما عدلت عن أهلها لسوائكا
و {سَواءَ السَّبِيلِ} ما استقام منه، و «سواء الجبل» ذروته.
هذا؛ ومعنى الاية التساوي بين الاستغفار وعدمه في الإفادة، فالسين، والتاء للطلب، والفعل يتعدى لاثنين، أولهما بنفسه، والثاني بحرف جر، نحو: استغفرت الله من ذنبي، وما في الاية من ذلك، وقد يحذف حرف الجر، فيصل إلى الثاني بنفسه، كقول الشاعر:[البسيط] أستغفر الله ذنبا لست محصيه... ربّ العباد إليه الوجه والقبل