بعد هذا فإني ألفت النظر إلى أنه تعالى قال هنا:{فَانْظُرُوا} بعد الأمر بالسير في الأرض وقال سبحانه في الآية رقم [١١] من سورة (الأنعام): {ثُمَّ انْظُرُوا} والفرق بينهما: أن النظر هنا جعل مسببا عن السير. فكأنه قيل: سيروا؛ لأجل النظر، ولا تسيروا سير الغافلين. ومعنى السير هناك: إباحة السير في الأرض للتجارة، وغيرها، وإيجاب النظر في آثار الهالكين، ونبه على ذلك ب (ثم)، التي هي للتراخي لتباعد ما بين الواجب والمباح. انتهى. من النسفي بتصرف كبير.
الإعراب:{وَلَقَدْ:} الواو: حرف قسم وجر. والمقسم به محذوف، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. هذا وبعضهم يعتبر الواو عاطفة، وبعضهم يعتبرها حرف استئناف. ويعتبر الجملة الآتية جوابا لقسم محذوف، ولا أسلمه أبدا؛ لأنه على هذا يكون قد حذف: واو القسم، والمقسم به، ويصير التقدير: وو الله أقسم، أو وأقسم والله.
اللام: واقعة في جواب القسم المحذوف وبعضهم يقول: موطئة للقسم، والموطئة معناها المؤذنة، وهذه اللام إنما تدخل على «إن» الشرطية، لتدل على القسم المتقدم على الشرط، وتكون الجملة الآتية جوابا للقسم المدلول عليه باللام، والمتقدم على الشرط حكما، كما في قوله تعالى:{لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ..}. إلخ الآية رقم [١٢] من سورة (الحشر)، افهم هذا واحفظه فإنه جيد. فإن قيل: ما ذكرته من إعراب يؤدي إلى حذف المقسم به، وبقاء حرف القسم، فالجواب أنه قد حذف المقسم به حذفا مطردا في أوائل السور مثل قوله تعالى:
{وَالضُّحى}{وَالسَّماءِ وَالطّارِقِ..}. إلخ فإن التقدير: ورب الضحى ورب السماء... إلخ. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {بَعَثْنا:} فعل، وفاعل. {فِي كُلِّ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من رسولا، كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، و {كُلِّ:} مضاف، و {أُمَّةٍ:} مضاف إليه. {رَسُولاً:} مفعول به، وجملة:{بَعَثْنا..}. إلخ جواب القسم، لا محل لها، والقسم وجوابه كلام مستأنف لا محل له. {أَنِ:} حرف تفسير. وقيل: مصدرية. {اُعْبُدُوا:} أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، وانظر إعراب (امضوا) في الآية رقم [٦٥] من سورة (الحجر). {اللهَ:} منصوب على التعظيم، وجملة:{اُعْبُدُوا اللهَ} تفسيرية لا محل لها؛ لأن {بَعَثْنا} فيه معنى القول دون حروفه، وعلى اعتبار {أَنِ} مصدرية تؤوّل مع الفعل بمصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: بعبادة الله، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {بَعَثْنا،} وإعراب {وَاجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ} واضح، والكلام على حذف مضاف؛ إذ التقدير: اجتنبوا عبادة الطاغوت. {فَمِنْهُمْ} الفاء:
حرف استئناف. (منهم): جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم. {مَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. {هَدَى:} ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر. {اللهَ:} فاعله، والجملة الفعلية صلة {مَنْ،} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: هداه الله، هذا الإعراب هو المتعارف عليه في مثل هذه