معناه: أنت تقدر الأمور، وتقطعها، وغيرك لا يفعل ذلك، وقد قال البيضاوي: المعنى:
فقدّره، فعدّله. {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ:} الصنفين، والضمير يعود إلى الإنسان، أو إلى المني. {الذَّكَرَ وَالْأُنْثى:} يجتمعان في الرحم تارة، وينفرد كل منهما عن الآخر تارة، وهو الغالب كما هو مشاهد، وواقع. وانظر تفصيل ذلك في سورة (الشورى) رقم [٥٠].
هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (الذاريات) رقم [٤٩]: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ} أي: صنفين، ونوعين مختلفين. قال ابن زيد: أي: ذكرا، وأنثى، وحلوا، وحامضا، ونحو ذلك، وقال مجاهد -رحمه الله تعالى-: الذكر، والأنثى من كل شيء، من السماء، والأرض، والشمس، والقمر، والليل، والنهار، والنور، والظلمة، والسهل، والجبل، والإنس، والجن، والخير، والشر، والبكرة، والعشي، وكالأشياء المختلفة الألوان والطعوم، والأراييح، والأصوات. أي: جعلنا هذا كدلالة على قدرتنا، ومن قدر على هذا؛ فهو أقدر على الإعادة. هذا؛ ويضاف زوجية بين الإيمان، والكفر، والجنة، والنار، والسعادة، والشقاوة، والحسن، والقبح، حتى الحيوانات، والنباتات.
هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (يس) رقم [٣٦]: {سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمّا لا يَعْلَمُونَ}. قال محمد علي الصابوني: سبحان الله، ما أعظم قدرة الله! لقد كان السائد: أن الزوجية تكون بين الإنسان، والحيوان فقط، وجاء القرآن بالمعجزة الباهرة، المثبتة لما اكتشفه العلم الحديث منذ زمن قريب، وهي أن الزوجية بين الإنسان، والحيوان، والنبات، والذرة، وسائر الكائنات، فقد ثبت: أن الذرة، وهي أصغر أجزاء المادة، مؤلفة من زوجين مختلفين من الإشعاع الكهربائي: سالب، وموجب، يتزاوجان، فيتحدان، وأن بين النبات أعضاء مذكرة، وأعضاء مؤنثة. فسبحان العلي القدير القائل:{سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ..}. إلخ. هذا؛ وقوله تعالى في سورة (الذاريات): {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ} عمم الزوجية في الإنسان، والحيوان، والنبات، وفي كل شيء مما نعلمه، ومما لا نعلمه. فسبحان الإله العلي القدير العليم، الذي أحاط علمه بكل الألوان، وأحصى كل شيء عددا! انتهى.
الإعراب:{ثُمَّ:} حرف عطف. {كانَ:} فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره:
«هو». {عَلَقَةً:} خبر {كانَ،} والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {فَخَلَقَ:} الفاء: حرف عطف. (خلق): فعل ماض، والفاعل يعود إلى الله، ولم يتقدم له ذكر، لكنه مفهوم من المقام.
ومفعوله محذوف، التقدير: خلقه، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {فَسَوّى:} الفاء:
حرف عطف. (سوّى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى (الله) أيضا، ومفعوله محذوف، التقدير: فسواه، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها أيضا.
{فَجَعَلَ:} الفاء: حرف عطف. (جعل): فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الله) أيضا. {مِنْهُ:}
جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {الزَّوْجَيْنِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه مثنى، والنون عوض من التنوين في الاسم المفرد. {الذَّكَرَ:} بدل من الزوجين بدل