العقلي على حد: جدّ جدّه، ففي الكلام مجازان، والأصل: وإن يوسوس لك الشيطان بترك ما أمرت به؛ فاستعذ بالله. انتهى.
{فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} أي: استجر، وتحصن، واطلب النجاة من ذلك بالله. فأمر سبحانه العبد المؤمن أن يدفع الوسوسة بالالتجاء إليه، والاستعاذة به. ولله المثل الأعلى، فلا يستعاذ من الكلاب إلا بصاحب الكلاب.
{إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} أي: لاستعاذتك، وأقوالك. {الْعَلِيمُ} أي: بأحوالك، وأفعالك، وجميع تصرفاتك، فيجازيك عليها، إن خيرا؛ فخير، وإن شرّا؛ فشرّ. هذا؛ وفي الآية الكريمة استعارة تبعية؛ حيث شبه الإغراء على المعاصي بالنزغ، واستعير النزغ للإغراء، ثم اشتق منه:
ينزغنك. هذا؛ والآية الكريمة مذكورة بحروفها في سورة (الأعراف) رقم [٢٠٠] بزيادة {هُوَ} و (أل) هنا؛ لأن ما هنا متصل بمؤكد بالتكرار، وبالحصر، فناسب التأكيد بما ذكر، وما في (الأعراف) خليّ عن ذلك، فجرى على القياس من كون المسند إليه معرفة، والمسند نكرة.
انتهى. جمل نقلا عن كرخي.
الإعراب:{وَإِمّا:} الواو: حرف استئناف. (إما): هي (إن) الشرطية، مدغمة في:(ما) الزائدة، لتؤكد معنى الشرط؛ لأن معنى (إن) في الأصل الشك، فزال هذا المعنى بسبب (ما)، ولذا أكد الفعل بعدها بنون التوكيد الثقيلة. وذكر ابن هشام في المغني: أن توكيد الفعل بعدها قريب من الواجب، وذكر آيات كثيرة الفعل المضارع مؤكد فيها بنون التوكيد. وأضيف: أنه قرئ قوله تعالى في سورة (مريم) رقم [٢٦]: {فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً} من غير توكيد الفعل بنون التوكيد. {يَنْزَغَنَّكَ:} فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة؛ التي هي حرف لا محل له، وهو في محل جزم فعل الشرط، والكاف مفعول به. {مِنَ الشَّيْطانِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من {نَزْغٌ} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا على القاعدة:«نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا». {نَزْغٌ:} فاعله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فَاسْتَعِذْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (استعذ):
فعل أمر، وفاعله مستتر فيه تقديره:«أنت». {بِاللهِ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، والجملة الشرطية مستأنفة، لا محل لها. هذا؛ وجواب الأمر محذوف؛ أي: يدفعه عنك.
{إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {هُوَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {السَّمِيعُ:} خبر أول. {الْعَلِيمُ:} خبر ثان، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (إنّ). هذا؛ ويجوز اعتبار الضمير فصلا، لا محل له، واعتباره توكيدا لاسم (إنّ) على