بالدّبور». وقال عبيد بن عمير: مسكنها الأرض الرابعة، وما فتح الله على عاد منها إلا كقدر منخر الثور. وفي الكلام استعارة مكنية، حيث شبه الريح التي لا منفعة فيها من إنشاء مطر، أو تلقيح شجر بالمرأة العاقر؛ التي لا تحمل. {ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ:} من أنفسهم، وأموالهم، وأنعامهم. {إِلاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} أي: كالشيء الهالك البالي، وهو يابس، وديس من نبات الأرض، يقال للنبت إذا يبس، وتفتت: رميم، وهشيم. قال جرير يرثي ابنه:[البسيط] تركتني حين كفّ الدهر من بصري... وإذ بقيت كعظم الرّمّة البالي
أي: الهالك البالي، وأصل الكلمة من: رمّ العظم إذا بلي. وفي سورة (يس) قوله تعالى حكاية عن قول الكافر: {قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}. نقول: رمّ العظم، يرم بالكسر رمّة، فهو رميم، قال الشاعر:[الكامل] ورأى عواقب خلف ذاك مذمّة... تبقى عليه والعظام رميم
هذا؛ و {عادٍ} اسم للحي، ولذلك صرف، ومنهم من جعله اسما للقبيلة، ولذلك منعه، و (عاد) في الأصل اسم الأب الكبير، وهو عاد بن عوص بن إرم، بن سام، بن نوح على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، فسميت به القبيلة، أو الحي، وكذلك ما أشبهه من نحو (ثمود) إن جعلته اسما لمذكر صرفته، وإن جعلته اسما لمؤنث منعته، ورسول قوم عاد هو هود بن عبد الله، ابن رباح، بن الخلود، بن عاد بن عوص، بن إرم، بن سام، بن نوح. وقال ابن إسحاق: هو هود ابن شامخ، بن أرفخشذ، بن سام، بن نوح. هذا؛ وكان بين هود، ونوح ثمانمئة سنة، وعاش عاد أربعمئة وأربعا وستين سنة، وقبيلة عاد كانت تسكن الأحقاف من أرض اليمن.
الإعراب:{وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا:} هذا كلام معطوف على قوله تعالى: {وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ..}.
إلخ، وهو مثله في إعرابه في كل ما تقدم. {عَلَيْهِمُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما.
{الرِّيحَ:} مفعول به. {الْعَقِيمَ:} صفة: {الرِّيحَ}. {ما:} نافية. {تَذَرُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى:{الرِّيحَ،} تقديره هي. {مِنْ:} حرف جر صلة. {شَيْءٍ:} مفعول به أول منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
{أَتَتْ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة؛ لالتقائها ساكنة مع تاء التأنيث الساكنة؛ التي هي حرف لا محلّ له، والفاعل يعود إلى:{الرِّيحَ الْعَقِيمَ،} والجملة الفعلية في محل جر صفة شيء على اللفظ. {عَلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {إِلاّ:} حرف حصر. {جَعَلَتْهُ:} ماض، والفاعل يعود إلى:{الرِّيحَ} أيضا، والتاء للتأنيث، والهاء مفعول به أول. {كَالرَّمِيمِ:} الكاف: اسم بمعنى مثل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به ثان، والكاف مضاف، و (الرميم) مضاف إليه، وجملة:{جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} في محل نصب مفعول به ثان ل: {تَذَرُ،} وجملة: {ما تَذَرُ..}. إلخ، في محل نصب حال من:{الرِّيحَ الْعَقِيمَ}.