للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاء أقضية، كعطاء، وأعطية، وهو في الأصل: إحكام الشيء، وإمضاؤه، والفراغ منه، ويكون أيضا بمعنى الأمر، قال تعالى: {وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً}.

وبمعنى العلم، تقول: قضيت بكذا، أي: أعلمتك به، وبمعنى الإتمام قال تعالى: {فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ} وبمعنى الفعل، قال تعالى حكاية عن قول السحرة لفرعون: {فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ} وبمعنى الإرادة، قال تعالى: {وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وبمعنى الموت، كقوله تعالى حكاية عن قول أهل النار: {وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ}.

وبمعنى الكتابة، قال تعالى: {وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا} أي: مكتوبا في اللوح المحفوظ، وبمعنى الفصل، قال تعالى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} وبمعنى الخلق، قال تعالى:

{فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ} وبمعنى بلوغ المراد والأرب، قال تعالى: {فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها} وبمعنى وفاء الدين، كقولك: قضيت ديني. انتهى قسطلاني بتصرف. وأضيف أنه يكون بمعنى «أوحينا» كما في قوله تعالى: {وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ..}. إلخ.

قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: فإذا كان القضاء يحتمل هذه المعاني، فلا يجوز إطلاق القول بأن المعاصي بقضاء الله؛ لأنه إن أريد به الأمر فلا خلاف أنه لا يجوز ذلك؛ لأن الله تعالى لم يأمر بها، فإنه لا يأمر بالفحشاء، وقال زكريا بن سلام: جاء رجل إلى الحسن، فقال:

إنه طلق امرأته ثلاثا، فقال: إنك قد عصيت ربك، وبانت منك، فقال الرجل: قضى الله ذلك علي، فقال الحسن-وكان فصيحا-: ما قضى الله ذلك، أي: ما أمر الله به؛ وقرأ قوله تعالى:

{وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ}. انتهى.

الإعراب: {وَإِذْ}: (إذ): معطوف على مثله في الآية السابقة. {يُرِيكُمُوهُمْ}: انظر إعراب مثله في الآية السابقة، والفاعل يعود إلى (الله)، والميم علامة جمع الذكور، وحركت بالضم، لتحسين اللفظ، فتولدت واو الإشباع، وهي حرف لا محل له. {إِذْ}: ظرف متعلق بما قبله، مبني على السكون في محل نصب. {اِلْتَقَيْتُمْ}: فعل وفاعل، وانظر إعراب: {وَجَعَلْنا} في الآية رقم [١٠] الأعراف، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها. {فِي أَعْيُنِكُمْ}: متعلقان بالفعل «يري» والكاف في محل جر بالإضافة. {قَلِيلاً}: حال من هاء الغائبين؛ لأن الفعل «يري» بصري. {وَيُقَلِّلُكُمْ}: مضارع، والكاف مفعول به، والفاعل يعود إلى (الله)، والجملة الفعلية معطوفة على {يُرِيكُمُوهُمْ} فهي في محل جر مثلها. {فِي أَعْيُنِهِمْ}: متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة {لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً} انظر الإعراب في الآية رقم [٤٣] والجار والمجرور الحاصلان من: {لِيَقْضِيَ} متعلقان بأحد الفعلين {يُرِيكُمُوهُمْ،} {وَيُقَلِّلُكُمْ}.

{وَإِلَى اللهِ}: متعلقان بالفعل بعدهما. {تُرْجَعُ}: يقرأ بالبناء للفاعل وللمفعول. {الْأُمُورُ}:

فاعل، أو نائب فاعل، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>