للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يقول: «قد كان في الأمم قبلكم محدّثون، فإن يكن في أمّتي منهم أحد، فإن عمر بن الخطاب منهم». ففي هذا إثبات كرامات الأولياء. انتهى. خازن بتصرف.

أما الكهانة فقد نهى الرسول صلّى الله عليه وسلّم عنها، ونهى عن تصديق الكهان، وعن الجلوس إليهم، والأخذ منهم. وخذ ما يلي:

عن عمران بن حصين-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس منّا من تطيّر، أو تطيّر له، أو تكهّن، أو تكهّن له، أو سحر، أو سحر له، ومن أتى كاهنا فصدّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم». رواه الطبراني، والبزار، ورحم الله من يقول: [البسيط]

لا يعلم المرء ليلا ما يصبّحه... إلا كواذب ممّا يخبر الفال

والفأل والزجر والكهّان كلّهم... مضلّلون ودون الغيب أقفال

وقال آخر: [البسيط]

دع المنجم يكبو في ضلالته... إن ادّعى علم ما يجري به الفلك

تفرّد الله بالعلم القديم فلا... يشركه فيه إنسان ولا ملك

{فَإِنَّهُ يَسْلُكُ:} يدخل. {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ:} من أمامه. {وَمِنْ خَلْفِهِ:} والمراد جميع جهاته.

{رَصَداً:} حراسا من الملائكة يحرسونه، والضمير يعود إلى من ارتضاه، فيحفظ الوحي من استراق الشياطين السمع، وإلقائه إلى الكهنة. قال الضحاك: ما بعث الله نبيا إلا ومعه ملائكة يحرسونه من الشياطين عن أن يتشبهوا بصورة الملك، فإذا جاءه شيطان في صورة الملك. قالوا:

هذا شيطان؛ فاحذره، وإن جاءه الملك؛ قالوا: هذا رسول ربك.

هذا؛ والرصد: القوم يرصدون كالحرس، يستوي فيه الواحد، والجمع، والمذكر، والمؤنث، وربما قالوا: أرصادا، والراصد للشيء: الراقب له، يقال: رصده، يرصده رصدا، ورصدا، والترصد: الترقب، والمرصد: موضع الرصد، وفي سورة (التوبة) رقم [٥]: {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ،} وفيها أيضا رقم [١٠٧]: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ}. ومعنى {يَسْلُكُ} يرسل ويجعل من أمام الرسول المرتضى ومن خلفه ملائكة حراسا يحفظونه من الجن، ويحرسونه في ضبط ما يلقيه الله تعالى إليه من علم الغيب. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

هذا؛ والتعبير عن الأمام، والخلف بقوله تعالى: {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} كثير في القرآن الكريم، وإن اختص كل موضع بتفسير حسب مقتضيات الأحوال، واختلافها، فمثلا قوله تعالى في الآية رقم [٢٨] من سورة (الأنبياء) يفسر بغير ما في هذه الآية، وكذلك الآية رقم [٩] من

<<  <  ج: ص:  >  >>