للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه شيء من أمورهم، فقد قال المفسرون: ما جاء في القرآن من تعليل لعلم الله تعالى كقوله في سورة (البقرة) رقم [١٤٣]: {وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ،} وقوله تعالى في سورة (آل عمران) رقم [١٤٠]: {وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ،} ومنها أيضا رقم [١٦٦]: {وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ} وبعدها: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا} فإنما هو علم ظهور، لا علم بداء، فإن الله تعالى عالم بالأشياء أزلا، وإنما يظهر علمه لعباده. {وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ} أي: أحاط علمه بما عند الرسل، وبما عند الملائكة، فلا يخفى عليه شيء من أمورهم.

{وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً} أي: علم الله تعالى علم ضبط، واستقصاء جميع الأشياء، المنبثة في الأرضين والسموات، من القطر، والرمل، وورق الأشجار، وزبد البحار، فلا يغيب عنه شيء، ولا يخفى عليه أمر، فكيف لا يحيط علما بما عند رسله من رسالاته، ووحيه؛ التي أمرهم بتبليغها إلى خلقه؟! وكيف يمكن لرسله أن يفرطوا في تلك الرسالات، أو يزيدوا، أو ينقصوا، أو يحرفوا فيها، أو يغيروا منها، وهو تعالى محيط بها، محص لجميع الأشياء، جليلها وحقيرها؟ قال تعالى في سورة (الأنعام) رقم [٥٩]: {وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ}.

الإعراب: {لِيَعْلَمَ:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى الله، أو إلى الرسول حسبما رأيت في الشرح، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {يَسْلُكُ} على اعتبار الفاعل عائدا إلى (الله)، أو بمحذوف تقديره: أخبرناه على اعتبار الفاعل عائدا إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم. {أَنْ:}

مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، التقدير: أنه. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَبْلَغُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل رفع خبر {أَنْ،} والمصدر المؤول من {أَنْ} واسمها، وخبرها في محل نصب سد مسد مفعول (يعلم). {رِسالاتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، و {رِسالاتِ:} مضاف، و {رَبِّهِمْ} مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَأَحاطَ:} الواو: واو الحال. (أحاط): فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الله)، وهذا يؤكد عود فاعل (يعلم) إلى (الله)، والجملة الفعلية في محل نصب حال من فاعل (يعلم) المستتر، والرابط: الواو، والضمير، وهي على تقدير «قد» قبلها. {بِما:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {لَدَيْهِمْ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة (ما)، فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المنقلبة ياء لاتصاله

<<  <  ج: ص:  >  >>