للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا طالبتك النّفس يوما بشهوة... وكان إليها للخلاف طريق

فدعها وخالف ما هويت فإنّما... هواك عدوّ، والخلاف صديق

ولأبي عبيد الطّوسي قوله: [الرجز]

والنفس إن أعطيتها مناها... فاغرة نحو هواها فاها

وقال سهل بن عبد الله التّستريّ: هواك داؤك، فإن خالفته فدواؤك. وللعلماء في هذا الباب في ذم الهوى، ومخالفته كتب، وأبواب أشرنا إلى ما فيه كفاية منه، وحسبك بقوله تعالى في سورة (النازعات) الآيتان رقم [٤٠ و ٤١]: {وَأَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى}. انتهى. قرطبي بتصرف. وانظر الآية رقم [١٨].

{وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ} أي: على علم قد علمه منه. وقيل: أضله عن الثواب على علم منه: أنه لا يستحقه. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أي: على علم قد سبق عنده تعالى أنه سيضل.

{وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} أي: طبع على سمعه، حتى لا يسمع الوعظ، وطبع على قلبه، حتى لا يفقه الهدى. {وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً} أي: غطاء؛ حتى لا يبصر الرشد. {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ} أي:

لا يهديه أحد بعد أن أضله الله. {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} أي: تتعظون، وتعرفون: أنه قادر على ما يشاء.

وهذه الآية ترد على القدرية، والمعتزلة، والإماميّة، ومن لف لفهم، وسلك طريقتهم في الاعتقاد؛ إذ هي مصرحة بمنعهم من الهداية. هذا؛ وقال تعالى في سورة (الكهف) رقم [١٧]:

{مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً}. قال مقاتل-رحمه الله تعالى-:

نزلت الآية في أبي جهل، وذلك: أنه طاف في البيت ذات ليلة، ومعه الوليد بن المغيرة، فتحدثا في شأن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال أبو جهل: والله إني لأعلم أنه لصادق! فقال له الوليد: مه، وما دلك على ذلك؟ قال: يا أبا عبد شمس! كنا نسميه في صباه الصادق الأمين، فلما تمّ عقله، وكمل رشده، نسميه الكذاب الخائن؟! والله إني لأعلم أنه لصادق! قال: فما يمنعك أن تصدقه، وتؤمن به؟! قال: تتحدث عني بنات قريش: أني قد اتبعت يتيم أبي طالب من أجل كسرة، واللات، والعزى إن اتبعته أبدا، فنزلت: {وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ}. انتهى. قرطبي بتصرف. وقيل: نزلت في غير أبي جهل. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {أَفَرَأَيْتَ:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري. الفاء: أراها زائدة. (رأيت): فعل، وفاعل. {مَنِ:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول، والمفعول الثاني محذوف، يقدر بعد الجمل الأربع المتعاطفة: «أيهتدي». وقال الجمل: ودعوى الحذف غير لازمة؛ إذ لا مانع من جعل كلمة: {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ} هي المفعول الثاني. {اِتَّخَذَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {مَنِ}. {إِلهَهُ:} مفعول به أول. {هَواهُ:} مفعول به ثان منصوب،

<<  <  ج: ص:  >  >>