للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه، نحو اعتقاد زيد في الجنة حق، وللفعل والقول الواقعين بحسب ما يجب، وقدر ما يجب في الوقت الذي يجب، نحو قولك حق، وفعلك حق. ويقال: أحققت ذا، أي: أثبته حقّا، أو حكمت بكونه حقّا. انتهى بغدادي.

{وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ:} الشرك: أن تجعل لله ندّا في العبادة، أو تصف إنسانا بصفة من صفات الله تعالى، أو تجعل لإنسان تأثيرا في فعل من أفعال الله تعالى. وهذا هو الشرك الظاهر، وهناك أنواع كثيرة من الشرك، منها: الرياء، وهو خفي لا يدركه إلا من منحه الله علما من عنده، وتوفيقا من هدايته. فعن محمود بن لبيد-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر». قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله! قال:

«الرّياء، يقول الله عز وجل إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟!». رواه أحمد، والبيهقي. وعن شداد بن أوس-رضي الله عنه-: أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من صام يرائي؛ فقد أشرك، ومن صلّى يرائي؛ فقد أشرك، ومن تصدّق يرائي؛ فقد أشرك». رواه البيهقي. {سُلْطاناً:} حجة، وبرهانا. {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ} أي: وأن تفتروا على الله الكذب، وتنسبوا إليه أمورا من غير علم عندكم بمعرفتها، بل هي تقوّل، وافتراء. وانظر شرح (سلطان) في الآية [٩٦] من سورة (هود).

تنبيه: قال الخازن: المعنى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يتجردون من الثياب، ويطوفون بالبيت عراة، ويحرمون أكل الطيبات مما أحل الله لهم: إن الله لم يحرم ما تحرمونه أنتم، بل أحله الله لعباده، وطيبه لهم، وإنما حرم الفواحش، من الأفعال، والأقوال، ظاهرها، وباطنها. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها، وما بطن، ولا أحد أحبّ إليه المدح من الله، من أجل ذلك مدح نفسه». متفق عليه. انتهى.

الإعراب: {قُلْ:} أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {إِنَّما:} كافة، ومكفوفة. {حَرَّمَ:}

ماض. {رَبِّيَ:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، {الْفَواحِشَ:} مفعول به. {ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل نصب بدلا من: {الْفَواحِشَ،} والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط رجوع الفاعل إليها. {مِنْها:} متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، و (من) بيان لما أبهم في {ما}. وعلى الاعتبار الثالث تؤول {ما} مع الفعل بعدها بمصدر في محل نصب بدلا من:

{الْفَواحِشَ،} التقدير: «حرم ربي الفواحش ظاهرها، وباطنها». والجملة الفعلية: {إِنَّما حَرَّمَ..}.

إلخ في محل نصب مقول القول، والجملة الفعلية: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {وَالْإِثْمَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>