هذا؛ و (أحد) أكمل من الواحد، ألا ترى أنّك إذا قلت: فلان لا يقوم له واحد، جاز في المعنى أن يقوم له اثنان، فأكثر. بخلاف قولك: لا يقوم له أحد. وفي الأحد خصوصية ليست في الواحد، تقول: ليس في الدار أحد، فيجوز أن يكون فيها من الدواب، والطير، والوحش والإنس، فيعمّ الناس، وغيرهم، بخلاف ليس في الدار واحد، فإنّه مخصوص بالآدميين.
ويأتي الأحد في كلام العرب بمعنى: الواحد، فيستعمل في النفي، والإثبات، نحو قوله تعالى في سورة (الإخلاص): {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} أي: واحد، وقوله تعالى:{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ} أي: واحدا منكم، وبغير معنى الواحد فلا يستعمل إلاّ في النفي، تقول: ما جاءني من أحد، ومنه قوله تعالى في سورة (البلد): {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} وواحد يستعمل فيهما مطلقا، وأحد يستعمل في المذكر، والمؤنث، والمفرد، والجمع، كما رأيته، بخلاف الواحد، فلا يقال:
كواحد من النساء بل كواحدة. والأحد له جمع من لفظه، وهو: الأحدون، والآحاد، وليس للواحد جمع من لفظه، فلا يقال: واحدون، بل يقال: اثنان، وثلاثة. والأحد ممتنع من الدخول في شيء من الحساب، بخلاف الواحد، فتلخص من ذلك سبعة فروق. ولا تنس الالتفات في الآيات.
الإعراب:{وَإِذا:} الواو: حرف استئناف. (إذا): ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {بُشِّرَ:} فعل ماض مبني للمجهول. {أَحَدُهُمْ:} نائب فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على المشهور المرجوح. {بِما:} متعلقان بما قبلهما.
{ضَرَبَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى:{أَحَدُهُمْ}. وهو بمعنى:«جعل» ينصب مفعولين، الأول محذوف، وهو عائد الصلة؛ إذ التقدير: بالذي ضربه. {لِلرَّحْمنِ:} متعلقان بالفعل:
{ضَرَبَ}. {مَثَلاً:} مفعول به ثان. {ظَلَّ:} فعل ماض ناقص. {وَجْهُهُ:} اسم: {ظَلَّ،} والهاء في محل جر بالإضافة. {مُسْوَدًّا:} خبر: {ظَلَّ}. هذا؛ وأجاز أبو البقاء، ومكي اعتبار اسم:{ظَلَّ} مستترا فيه. {وَجْهُهُ:} بدلا من الضمير المستتر. وعلى قراءة «(مسودّ)» بالرفع؛ فاسم {ظَلَّ} مستتر فيه، و {وَجْهُهُ:} مبتدأ، و «(مسود)» خبره، والجملة الاسمية في محل نصب خبر:{ظَلَّ،} وجملة: {ظَلَّ..}. إلخ جواب (إذا)، لا محلّ لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محلّ له. {وَهُوَ:} الواو: واو الحال. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {كَظِيمٌ:} خبره، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المجرور محلا بالإضافة، والرابط: الواو، والضمير. هذا؛ وأجاز مجيء الحال من المضاف إليه لأنّ المضاف جزؤه، قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته:[الرجز]
ولا تجز حالا من المضاف له... إلاّ إذا اقتضى المضاف عمله