للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{حَتّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} أي: الثمانية، وهي التي يطلق عليها اسم الدرجات، وهي:

دار الجلال، ودار السّلام، وجنة عدن، وجنة المأوى، وجنة الخلد، وجنة الفردوس، وجنة النعيم، ودار الكرامة، وهي المعبّر عنها بدار المقامة بقوله تعالى في سورة (فاطر) رقم [٣٥] حكاية عن قول المؤمنين: {الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ..}. إلخ. وانظر دركات النار في الآية السابقة. هذا؛ واقترنت جملة: {وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} بالواو هنا، ولم تقترن بحق أهل النار، وقد اختلف في هذه الواو، فقيل: هي عاطفة على جملة محذوفة هي جواب {إِذا} التقدير: سعدوا، وفتحت. قاله المبرد، وغيره. وحذف الجواب بليغ في كلام العرب. قال امرؤ القيس: [الطويل]

فلو أنّها نفس تموت جميعة... ولكنها نفس تساقط أنفسا

فحذف جواب (لو)؛ إذ التقدير: لكان أروح. وقيل: الواو زائدة عند الكوفيين، وهو خطأ عند البصريين، وانظر رقم [١٠٤] من سورة (الصافات). وقيل: إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله تعالى، والتقدير: حتى إذا جاؤوها وأبوابها مفتحة بدليل قوله تعالى في سورة (ص) رقم [٥٠]: {جَنّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ} وحذفت الواو في قصة أهل النار؛ لأنهم وقفوا على النار، وفتحت أبوابها بعد وقوفهم إذلالا، وترويعا لهم، ذكره المهدوي، وحكى معناه النحاس قبله. انتهى. قرطبي. أقول: وهذا يعني: أن الواو واو الحال، و «قد» بعدها مقدرة، والمعنى يؤيده، بل لا محيص عنه.

هذا؛ وقيل: إن الواو واو الثمانية، وذلك من عادة قريش: أنهم يعدون من الواحد، فيقولون: خمسة، ستة، سبعة، وثمانية، فإذا بلغوا السبعة؛ قالوا: وثمانية، قاله أبو بكر بن عياش. قال الله تعالى في سورة (الحاقة) رقم [٧]: {سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ حُسُوماً} وقال في سورة (التوبة) رقم [١١٢]: {التّائِبُونَ الْعابِدُونَ} ثم قال في الثامن: {وَالنّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ،} وقال في سورة (الكهف) رقم [٢٢]: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ،} وقال في سورة (التحريم) رقم [٥] {ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً}. انتهى. قرطبي.

ثم قال: قلت: وقد استدل بهذا من قال: إن أبواب الجنة ثمانية، وذكروا حديث عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما منكم من أحد يتوضّأ، فيبلّغ، أو يسبغ الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأن محمدا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنّة الثمانية يدخل من أيّها شاء». خرجه مسلم وغيره. انتهى.

هذا؛ وقد ذكر ابن هشام هذه الواو في أقسام الواو؛ حيث قال: والتاسع: واو الثمانية ذكرها جماعة من الأدباء كالحريري، ومن النحويين الضعفاء كابن خالويه، ومن المفسرين كالثعلبي، وزعموا: أن العرب إذا عدوا؛ قالوا: ستة، سبعة، وثمانية، إيذانا بأن السبعة عدد تام، وأن ما بعدها عدد مستأنف، واستدلوا على ذلك بآيات، وسرد الآيات التي ذكرتها لك

<<  <  ج: ص:  >  >>