للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشهورا؛ إذ كانوا في بلادهم، وحجر ثمود موجود إلى اليوم بوادي القرى، وأمر فرعون كانوا يسمعونه من جيرانهم من أهل الكتاب، واستفاضت به الأخبار، وبلاد فرعون متصلة بأرض العرب. {بِعادٍ} أي: بقوم عاد، وكانوا أشداء أقوياء. روى شهر بن حوشب عن أبي هريرة -رضي الله عنه-قال: كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراع من حجارة، ولو اجتمع عليه خمسمئة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يقلوه، وكان أحدهم يدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها.

لذا ذكرهم نبيهم هود بهذا، فقال تعالى في سورة (الأعراف): {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. وقال تعالى: {فَأَمّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً} الآية رقم [١٥] من سورة (فصلت).

هذا؛ وعاد في الأصل ابن عوص بن إرم بن سام بن نوح، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، فعلى هذا ف‍ {إِرَمَ} هو جد عاد، ثم جعل لفظ عاد اسما للقبيلة، كما يقال لبني هاشم: هاشم، ولبني تميم: تميم، ثم قيل للأولين منهم: عاد الأولى، وعاد إرم تسمية لهم باسم جدهم. ولمن بعدهم: عاد الأخيرة. قال ابن الرقيات: [المنسرح]

مجدا تليدا بناه أوّلهم... أدرك عادا وقبله إرما

وقال معمر: «إرم» إليه مجمع عاد، وثمود، وكان يقال: عاد إرم، وعاد ثمود، وكانت القبائل تنتسب إلى إرم. وقال ابن إسحاق: كان سام بن نوح له أولاد، منهم: إرم بن سام، وأرفخشذ بن سام، فمن ولد إرم بن سام العمالقة، والفراعنة، والجبابرة، والملوك الطغاة، والعصاة.

{ذاتِ الْعِمادِ} أي: الطول، يقال: رجل معمّد: إذا كان طويلا. قال قتادة: كان طول الواحد منهم اثنا عشر ذراعا. وعن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة أيضا كانوا عمادا لقومهم.

يقال: فلان عماد القوم، وعمودهم؛ أي: سيدهم. وقيل: {ذاتِ الْعِمادِ} أي: الأبنية الرفيعة المرفوعة على العمد، وكانوا ينصبون الأعمدة، فيبنون عليها القصور. قال ابن زيد: {ذاتِ الْعِمادِ} يعني: إحكام البنيان بالعمد. وفي الصحاح: والعماد: الأبنية الرفيعة، تذكر، وتؤنث.

قال عمرو بن كلثوم في معلقته رقم [٣٩]: [الوافر]

ونحن إذا عماد الحيّ خرّت... على الأحفاض نمنع من يلينا

{الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ:} الضمير يرجع إلى القبيلة؛ أي: لم يخلق مثل القبيلة في البلاد قوة، وشدة، وعظم أجساد، وطول قامة. ومن جعل إرم مدينة؛ قدر محذوفا، المعنى: كيف فعل ربك بمدينة عاد إرم، أو بعاد صاحبة إرم. وإرم على هذا مؤنثة معرفة. وروي: أنه كان لعاد ابنان: شداد، وشديد، فملكا، وقهرا، ثم مات شديد، وخلص الأمر لشداد، فملك الدنيا،

<<  <  ج: ص:  >  >>