للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «عفّوا عن نساء النّاس؛ تعفّ نساؤكم، وبرّوا آباءكم، تبرّكم أبناؤكم... إلخ». رواه الحاكم، ومثله في الطبراني. من رواية ابن عمر -رضي الله عنهما-. فالكيل الذي تكيل به للناس يكال لك به، وكما تدين تدان، فمن زنى بنساء الناس لا بد أن يدان من قريباته. وخذ ما يلي:

حكي: أنه كانت امرأة صالحة، زوجها صائغ، ولها رجل سقّاء ينقل لها الماء منذ ثلاثين سنة، لا ينظر إليها، فناولها يوما الماء، وقبض على يدها قبضا شديدا، فلما جاء زوجها؛ قالت له: هل وقع منك اليوم ذنب؟ قال: لا! غير أن امرأة اشترت مني سوارا، فلما رأيت يدها أعجبتني، فقبضت على يدها قبضا شديدا! فقالت له: قد وقع القصاص في زوجتك! فلمّا كان الغد جاء السقاء معتذرا، فقالت له: لا بأس عليك، إنما الفساد من زوجي. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٢] من سورة (الإسراء) تجد ما يسرك.

ومتى عف المرء عن نساء الناس؛ ظهرت أمارات عفته في تصرفاته، واستقامته، بل، وفي نظراته، وحركاته، وسكناته، وفاحت رائحة عفته؛ حتى لكأن زوجته تشمها، وتحس بها، فتزداد عفة على عفة، ووفاء لزوجها، وإرضاء لربها، وظهر أثر ذلك في الاحترام المتبادل، والمحبة الصادقة، والعشرة الطيبة، ورفرف على البيت علم الطهارة، والسعادة، أما إذا لم يعف الزوج عن نساء الناس، وتدنس بالزنى، والفجور، وأفسد امرأة غيره، ولم تمتلئ نفسه بالعفة، والطهارة؛ فإن شؤم ذلك يتعدى إلى زوجته، ويحملها على أن تنظر إلى غيره من الرجال الأجانب، وتتصل بمن تهوى، وتحملها الغيرة على الانتقام من زوجها، فتسلك ما سلك من طريق الخيانة، والفجور، فيكون هذا الزوج الدنيء متسببا في فساد امرأته. وكما تدين تدان.

أما اللواط؛ فإنه عمل قوم لوط، كما رأيت في سورة (الأعراف)، وسورة (الحجر)، وسورة (هود)، وسورة (الشعراء) و (النمل) وغير ذلك، وهو كبيرة من الكبائر، التي تستوجب غضب الله في الدنيا، وعقابه في الآخرة، والنبي صلّى الله عليه وسلّم قد شدد النكير على من اقترف هذه الجريمة، أو يقترفها وإليك نبذة من أحاديثه الشريفة في ذلك:

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أربعة يصبحون في غضب الله، ويمسون في سخط الله». قلت: من هم يا رسول الله؟! قال: «المتشبّهون من الرّجال بالنّساء، والمتشبّهات من النساء بالرجال، والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي الرجال». رواه الطبراني.

وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل، والمفعول به». رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه. أقول: المفعول به يقتل إذا كان مطاوعا، وباختياره، أما إذا كان مكرها؛ فلا إثم، ولا قتل له، بل إن الرسول صلّى الله عليه وسلّم حرم هذه الجريمة؛ حتى عمل الرجل مع امرأته، فعن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-أن

<<  <  ج: ص:  >  >>