أي: هو لوم مكرر عليّ. هذا؛ و {الْمُقَدَّسِ} المطهر غاية الطهر بتشريف الله تعالى له بإنزال النبوة فيه، المفيضة للبركات. هذا؛ وسمي الوادي المقدس طوى؛ لأنه طوي فيه الشر عن بني إسرائيل، ومن أراد الله من خلقه، ونشر فيه بركات النبوة على جميع أهل الأرض، المسلم بإسلامه، وغيره برفع عذاب الاستئصال عنه، فإن العلماء قالوا: إن عذاب الاستئصال ارتفع حين أنزلت التوراة، وهو واد بالطور بين أيلة، ومصر. انتهى جمل نقلا عن الخطيب.
هذا؛ والوادي: هو المنفرج بين جبلين، يجري فيه السيل، ويجمع على: أودية، وأوديات، وأوادية، وأوداء، وأوداه. قال جرير:[الوافر]
عرفت ببرقة الأوداه رسما... محيلا طال عهدك من رسوم
{اِذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى} أي: جاوز الحد في الطغيان، والظلم، والفساد. هذا؛ وفرعون:
قال المسعودي: لا يعرف لفرعون تفسير في العربية، وظاهر كلام الجوهري أنه مشتق من معنى العتوّ، فإنه قال: والفراعنة: العتاة، وقد تفرعن، وهو ذو فرعنة؛ أي: دهاء ومكر. انتهى.
وفرعون لقب لمن ملك العمالقة في مصر، كقيصر، وكسرى لملكي الروم، والفرس، وكان فرعون موسى مصعب بن الريان. وقيل: ابنه الوليد من بقايا قوم عاد، وفرعون يوسف-على نبينا، وعليه، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ألف صلاة، وألف سلام-ريان بن الوليد، وبينهما أكثر من أربعمئة سنة. وكان ملك فرعون موسى أربعمئة سنة، وعاش ستمئة وعشرين سنة، ولم ير مكروها قط، ولو حصل له في تلك المدة جوع يوم، أو وجع يوم؛ لما ادّعى الربوبية، فلم يبق لما نقله القرطبي عن الحسن: كان فرعون علجا من همدان. وعن مجاهد. قال: كان من أهل إصطخر. وعن الحسن أيضا قال: كان من أهل أصبهان. يقال له: ذو ظفر، طوله أربعة أشبار، فلم يبق لهذه الأقوال وجه. ولا تنس: أن فرعون هذه الأمة هو أبو جهل الخبيث. قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«وفرعوني أشدّ من فرعون موسى».
هذا؛ وأما موسى فأصله:(موشى) مركبا من اسمين: «مو» الماء، و «شا»: الشجر، والعرب تلفظه: موسى بالسين، وسبب تسميته بذلك أن امرأة فرعون التقطته من نهر النيل بين الماء والشجر، لما ألقته أمه فيه، كما رأيت في سورة (طه)، وسورة (القصص).
{فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى} أي: تسلم، فتطهر من الذنوب، والآثام بالإسلام. {وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى} أي: وأرشدك إلى معرفة ربك، وطاعته، فتتقيه، وتخشاه؛ لأن الخشية لا تكون إلا بالمعرفة. قال تعالى:{إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ} رقم [٢٨] من سورة (فاطر)، وعن بعض الحكماء: اعرف الله، فمن عرف الله؛ لم يقدر أن يعصيه طرفة عين. فالخشية ملاك الأمر، ومن خشي الله أتى منه كل خير، ومن أمن اجترأ على كل شر. بدأ مخاطبته بالاستفهام؛ الذي معناه العرض، كما يقول الرجل لضيفه: هل لك أن تنزل بنا؟ وأردفه الكلام الرقيق، يستدعيه