باللطف في القول، ويستنزله بالمداراة عن عتوه، كما أمر الله بذلك في قوله تعالى في سورة (طه) رقم [٤٤]: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} وإنما خص فرعون بالذكر، وإن كانت دعوة موسى شاملة لجميع قومه؛ لأن فرعون كان أعظمهم، فكانت دعوته دعوة لجميع قومه.
وقال صخر بن جويرية: لما بعث الله موسى إلى فرعون؛ قال له:{اِذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ} إلى قوله: {وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى} ولن يفعل، فقال: يا رب! كيف أذهب إليه، وقد علمت: أنه لا يفعل؟ فأوحى الله إليه أن امض إلى ما أمرتك به، فإن في السماء اثني عشر ألف ملك يطلبون علم القدر فلم يبلغوه ولا يدركوه! والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{هَلْ:} حرف استفهام، انظر ما ذكرته في الشرح. {أَتاكَ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والكاف مفعول به. {حَدِيثُ:} فاعله، وهو مضاف، و {مُوسى} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر. {إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق ب: {حَدِيثُ،} لا ب: {أَتاكَ} لاختلاف وقتيهما. ومثله في سورة (الذاريات) رقم [٢٥]. {ناداهُ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والهاء مفعول به. {رَبُّهُ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها.
{بِالْوادِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الضمير المنصوب؛ أي: حالة كون موسى بالوادي، وعلامة الجر كسرة مقدرة على الياء للثقل.
{الْمُقَدَّسِ:} صفة (الوادي). {طُوىً:} بدل من (الوادي)، فهو مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر. وقال مكي: ومن كسر الطاء فهو في موضع نصب على أنه مصدر، تقديره:
بالوادي المقدس مرتين. انتهى؛ أي: فكأنه مصدر دل على العدد. هذا؛ والجملة الفعلية:{هَلْ أَتاكَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
{اِذْهَبْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت»، والجملة الفعلية يجوز أن تكون تفسيرا للنداء، ويجوز أن تكون في محل نصب مقول القول لقول محذوف، التقدير: فقال له: اذهب، وعليه فالجملة الفعلية معطوفة على جملة:{ناداهُ..}. إلخ فهي في محل جر مثلها. وقيل: هي على تقدير: «أن» قبلها؛ أي: أن اذهب، وقرئ شاذا: «(أن اذهب)»، و (أن) هذه الظاهرة، أو المقدرة يحتمل أن تكون تفسيرية، وأن تكون مصدرية؛ أي: ناداه بكذا. {إِلى فِرْعَوْنَ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف، والمانع له علتان: العلمية، والعجمة. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {طَغى:}
فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {فِرْعَوْنَ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية تعليل للأمر، لا محل لها.