للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا والسّوم الرّعي بلا ثمن، وهو شرط لوجوب الزكاة في الإبل، والبقر، والغنم، كما هو معروف في الفقه الإسلامي.

بعد هذا، فأصل «ماء»: موه بفتح الميم والواو، تحركت الواو، وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، فصار: «ماه» فلما اجتمعت الألف والهاء، وكلاهما خفي؛ قلبت الهاء همزة، ودليل ذلك: أن جمع ماء: أمواه، ومياه، وتصغيره: مويه، وأصل ياء مياه واو، لكنها قلبت ياء لانكسار ما قبلها، في جمع أعلت في مفرده، كما قالوا: دار، وديار، وقيمة، وقيم، ومثله قولهم: سوط، وسياط، وحوض، وحياض، وثوب، وثياب، وثور وثيرة، ويقال في تعريف الماء: هو جسم رقيق مائع، به حياة كل نام. وقيل في حده: جوهر سيّال به قوام الأرواح. بعد هذا خذ قول أبي ذؤيب الهذلي: [الطويل]

شربن بماء البحر، ثمّ ترفّعت... متى لجج خضر لهنّ نئيج

فهو يصف السحاب على اعتقاد العرب في الجاهلية، ومثلهم العصريون في هذا الزمن، من أن السحاب؛ أي: الغيوم تدنو من البحر الملح في أماكن مخصوصة، فتمتد منها خراطيم كخراطيم الفيلة، فتشرب بها من مائه، فيسمع لها عند ذلك صوت مزعج، ثم تصعد إلى الجو، وترتفع، فيلطف ذلك الماء، ويعذب بإذن الله تعالى في زمن صعودها، ثم تمطره حيث شاء الله العلي القدير، وأما عند أهل السنّة، فيقولون: إن أصله من الجنّة، يأتي به المولى المتعالي من السحاب من خروق فيها كخروق الغربال.

وأقول: إن ما ينزل من السماء من مطر، بعضه من ماء البحار المالحة الأرضية، وبعضه من خزائن القدرة، على أن الأول: لا ينبت، وإنما الإنبات والخصب في الثاني، وعلامة الأول:

أنه ينزل غزيرا، كأنما ينصب من أفواه قرب، وأما ما يقوله الدّهريون الملحدون: إن الطبيعة تمطر، فهو كفر صراح؛ أي: خالص.

الإعراب: {هُوَ الَّذِي:} مبتدأ، وخبر. {أَنْزَلَ:} ماض، وفاعله يعود إلى {الَّذِي،} وهو العائد، {مِنَ السَّماءِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {السَّماءِ،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا على القاعدة: «نعت النكرة؛ إذا تقدم عليها، صار حالا» {السَّماءِ:}

مفعول به، وجملة: {أَنْزَلَ..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها، والجملة الاسمية: {هُوَ الَّذِي..}.

إلخ مستأنفة، لا محل لها. {لَكُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وأجيز تعليقهما بمحذوف صفة {السَّماءِ،} وقول ثالث، متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مِنْهُ:} متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر المحذوف على اعتبار {لَكُمْ} متعلقين به، وأجيز تعليقهما ب‍: {شَرابٌ} بعدهما، وقول ثالث: متعلقان بمحذوف خبر مقدم على الوجهين الأولين في: {لَكُمْ}. {شَرابٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية هذه مستأنفة، لا محل لها، وأما الجملة الاسمية: {لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ} فهي في محل نصب صفة {السَّماءِ،} والجملة الاسمية: {وَمِنْهُ شَجَرٌ:} معطوفة على ما قبلها على الوجهين

<<  <  ج: ص:  >  >>