{مُشْرِقِينَ:} وقت شروق الشمس؛ أي: طلوعها. وقيل: وقت شروق الفجر، فيكون أول العذاب عند الصبح، وامتد إلى شروق الشمس، فكان تمام الهلاك عند ذلك، و «أشرقت» الشمس و «شرقت» مثل: أضاءت، وضاءت، فهما لغتان بمعنى واحد، وانظر شرح الآية التالية بكاملها في الآية رقم [٨٢] من سورة (هود) عليه السّلام. {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ} أي: فيما وقع لقوم لوط من العذاب علامات، أو عبر، وعظات. {لِلْمُتَوَسِّمِينَ:} للمتفكرين المتفرسين. وقيل:
للناظرين. قال طريف بن تميم العنبري: [الكامل]
أو كلّما وردت عكاظ قبيلة... بعثوا إليّ عريفهم يتوسّم
وقال قتادة: للمعتبرين. وقال أبو عبيدة: للمتبصرين، كقول زهير: [الطويل]
وفيهنّ ملهى للصّديق ومنظر... أنيق لعين النّاظر المتوسّم
ويعضد القول الأول: ما روي عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «اتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله». ثمّ قرأ: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ،} أخرجه الترمذي. وقال: حديث غريب. وهذا؛ وقد ذكر القرطبي من فراسة بعض الصحابة، والتابعين الشيء الكثير. {وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} أي: وإن قرى قوم لوط على طريق قومك يا محمد في ذهابهم إلى الشام، وإيابهم منها، فهم يشاهدون ذلك، ويرون أثر العقاب الذي نزل بها، وانظر شرح (سبيل) في الآية رقم [١٠٨] من سورة (يوسف) عليه السّلام.
الإعراب: {فَأَخَذَتْهُمُ:} الفاء: حرف استئناف. (أخذتهم): ماض، والتاء للتأنيث، والهاء مفعول به. {الصَّيْحَةُ:} فاعل. {مُشْرِقِينَ:} حال من الضمير المنصوب، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. (جعلنا): فعل، وفاعل وهو بمعنى: صيرنا. {عالِيَها:} مفعول به أول.
{سافِلَها:} مفعول به ثان، و (ها): في محل جر بالإضافة، وهي عائدة على القرى، ولم يتقدم لها ذكر، ولكنها مفهومة من المقام، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٨٢] من سورة (هود) عليه السّلام، وجملة: {فَجَعَلْنا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، وجملة: {وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً} معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا. {مِنْ سِجِّيلٍ:} متعلقان بمحذوف صفة {حِجارَةً}.
{إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {فِي ذلِكَ:} متعلقان بمحذوف خبر {إِنَّ} تقدم على اسمها، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {لَآياتٍ:} اللام: لام الابتداء. (آيات): اسم إن مؤخر منصوب وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {لِلْمُتَوَسِّمِينَ:}
متعلقان بمحذوف صفة (آيات)، أو هما متعلقان بها؛ لأنها بمعنى: علامات، والجملة الاسمية:
{إِنَّ فِي..}. إلخ مستأنفة، أو مبتدأة لا محل لها على الاعتبارين. {وَإِنَّها:} الواو: واو الحال.