كثير في القرآن الكريم، وإن اختص كل موضع بتفسير حسب مقتضيات الأحوال، واختلافها؛ فمثلا قوله تعالى:{يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ} في الاية رقم [٢٨] من سورة (الأنبياء) يفسر بغير ما في هذه الاية هنا، وكذلك الاية رقم [١١٠] من سورة (طه). وكلتاهما تخالفان معنى الاية رقم [٦٤] من سورة (مريم) على نبينا، وحبيبنا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام.
تنبيه:{عادٍ} المذكورة هنا باختصار هي التي تسمى عادا الأولى، وأما عاد الثانية فمتأخره، قال تعالى في سورة (النجم) رقم [٥٠ و ٥١]: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (٥٠) وَثَمُودَ فَما أَبْقى} وتسمى عاد إرم لقوله تعالى في سورة (الفجر): {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ..}. إلخ وقد كانت هذه القبيلة من العمالقة أشداء أقوياء. وقد زادهم الله بسطة في الجسم، وكانوا مترفين في الحياة، يبنون القصور الشامخة، ويقيمون القلاع، والحصون، وعندهم البساتين النضرة، والعيون الجارية، وقد غرقوا في النعيم، وانغمسوا في البذخ، والترف، وقد قصّ القرآن الكريم علينا ما كانوا عليه من مظاهر النعمة، والترف في سورة (الشعراء) حيث قال تعالى في الاية رقم [١٢٨]:
{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ..}. إلخ وكانت أجسامهم قوية، وبنيتهم ضخمة متينة، وكانوا إذا مشوا على الأرض؛ تهتز الأرض تحت أقدامهم لثقلهم، كأنهم الجبال لفرط طولهم، وضخامة أجسامهم، فاغتروا بقوتهم، واستكبروا على الله، وعتوا عن أمر رسله، وتمادوا في طغيانهم، فأهلكهم الله بالريح العاتية، كما قال تعالى في سورة (فصلت) رقم [١٥]: {فَأَمّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ..}. إلخ. هذا؛ و {عادٍ} اسم للحي، ولذلك صرف، ومنهم من جعله اسما للقبيلة، ولذلك منعه، وعاد في الأصل: اسم الأب الكبير، وهو عاد بن عوص بن إرم، بن سام، بن نوح على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام فسميت به القبيلة، أو الحي، وكذلك ما أشبهه من نحو (ثمود) إن جعلته اسما لمذكر؛ صرفته، وإن جعلته اسما لمؤنث؛ منعته.
الإعراب:{وَاذْكُرْ:} الواو: حرف استئناف. (اذكر): فعل أمر، وفاعله مستتر فيه تقديره:
«أنت». {أَخا:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الألف نيابة عن الفتحة لأنه من الأسماء الخمسة، و {أَخا} مضاف، و {عادٍ} مضاف إليه. {إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب بدل اشتمال من: {أَخا عادٍ}. {أَنْذَرَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى:
{أَخا عادٍ}. {قَوْمَهُ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة:{بِالْأَحْقافِ:} متعلقان بمحذوف حال من: {قَوْمَهُ،} والجملة الفعلية في محل جر بإضافة: {إِذْ} إليها. {وَقَدْ:}
الواو: واو الحال. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {خَلَتِ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع تاء التأنيث الساكنة، التي هي حرف لا محل له. {النُّذُرُ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من:{أَخا عادٍ،} والرابط:
الواو، والضمير. أو هي معترضة بين الفعل:{أَنْذَرَ} ومتعلقه، فلا محلّ لها حينئذ. {مِنْ}