للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها من الإعراب. هذا؛ وجوز أبو البقاء اعتبار: {ذلِكُمْ} مفعولا به لفعل محذوف، التقدير:

أوجب عليكم، أو ألزمكم ذلكم... إلخ، وعليه فالجملة الفعلية: {وَصّاكُمْ..}. إلخ في محل نصب حال من اسم الإشارة، ويلزم تقدير: «قد» قبلها، وهو تكلف لا داعي له، وإن الابتداء باسم الإشارة أكثر من وقوعه مفعولا به، ويعطي معنى أقوى، ولا سيما إذا اتصل به اللام المفيدة للبعد، والكاف المفيدة للخطاب. {لَعَلَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف ضمير متصل في محل نصب اسمه، والميم علامة جمع الذكور. {تَعْقِلُونَ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر: (لعل)، والجملة الاسمية: {لَعَلَّكُمْ..}. إلخ تعليل للوصاية لا محل لها.

تنبيه: الإعراب المتقدم هو الإعراب الظاهر، والمتبادر. وتتميما للفائدة، أنقل لك ما ذكره ابن هشام في مغنيه من أوجه، فقال طيب الله ثراه: فقيل: إن (لا) نافية. وقيل: ناهية. وقيل:

زائدة، والجميع محتمل.

وحاصل القول في الآية أن {ما} خبرية بمعنى الذي، منصوبة ب‍ {أَتْلُ،} و {حَرَّمَ رَبُّكُمْ} صلة، و {عَلَيْكُمْ} متعلقان ب‍: {حَرَّمَ،} هذا هو الظاهر، وأجاز الزجاج كون {ما} استفهامية منصوبة بحرم، والجملة محكية ب‍ {أَتْلُ؛} لأنه بمعنى: أقول، ويجوز أن يعلق {عَلَيْكُمْ} ب‍ {أَتْلُ،} ومن رجح إعمال أول المتنازعين، وهم الكوفيون رجحه على تعلقه ب‍: {حَرَّمَ،} وفي (أن) وما بعدها أوجه:

أحدها: أن يكون في موضع نصب بدلا من: {ما} وذلك على أنها موصولة، لا استفهامية؛ إذ لم يقترن البدل بهمزة الاستفهام.

الثاني: أن يكون في موضع رفع خبرا ل‍: «هو» محذوفا، أجازهما بعض المعربين، وعليهما ف‍: (لا) زائدة، قاله ابن الشجري، والصواب: أنها نافية على الأول، وزائدة على الثاني.

الثالث: أن يكون الأصل: أبين لكم ذلك؛ لئلا تشركوا، وذلك لأنهم إذا حرم عليهم رؤساؤهم ما أحله الله سبحانه، فأطاعوهم؛ أشركوا؛ لأنهم جعلوا غير الله بمنزلته.

والرابع: أن الأصل أوصيكم بأن لا تشركوا، بدليل: أن {وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} معناه:

وأوصيكم بالوالدين، وأن في آخر الآية {ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ}. وعلى هذين الوجهين، حذفت الجملة، وحرف الجر.

والخامس: أن التقدير: أتل عليكم أن لا تشركوا، فحذف مدلولا عليه بما تقدم، وأجاز هذه الأوجه الثلاثة الزجاج.

والسادس: أن الكلام تم عند: {حَرَّمَ رَبُّكُمْ} ثم ابتدئ: عليكم أن لا تشركوا، وأن تحسنوا بالوالدين إحسانا، وأن لا تقتلوا، ولا تقربوا، ف‍: {عَلَيْكُمْ} على هذا اسم فعل بمعنى: الزموا.

و (أن) في الأوجه الستة مصدرية و (لا) في الأوجه الأربعة الأخيرة نافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>