للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتربع، ونحوه من الهيئات المستدعية لكثرة الأكل، بل كان جلوسه صلّى الله عليه وسلّم للأكل مستوفزا، مقعيا غير متربع، ولا متمكن، وليس المراد الميل على شق، كما يظنه عوام الطلبة.

{عَلى فُرُشٍ:} جمع فراش. {بَطائِنُها:} جمع بطانة، وهي التي تحت الظهارة. هذا؛ وبطانة الرجل: هو الذي يطلعه الرجل على أسراره ثقة به، قال تعالى في سورة (آل عمران) رقم [١١٨]:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ..}. إلخ. {مِنْ إِسْتَبْرَقٍ:} هو ما غلظ من الديباج، والسندس هو الرقيق من الديباج، واحده: سندسة، والإستبرق موشى بالذهب، واحده:

إستبرقة. وهل هو عربي الأصل مشتق من البريق، أو هو معرب، أصله: إستبره؟ خلاف بين اللغويين، وفي سورة (الكهف) رقم [٣١]: {وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ}.

هذا؛ وقال ابن مسعود، وأبو هريرة-رضي الله عنهما-: إذا كانت البطانة التي تلي الأرض هكذا، فما ظنك بالظهارة؟ وقيل لسعيد بن جبير-رضي الله عنه-: البطائن من إستبرق؛ فما الظواهر؟ قال: هذا مما قال الله تعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إنما وصف لكم بطائنها؛ لتهتدي إليه قلوبكم، فأما الظواهر فلا يعلمها إلا الله. وفي الخبر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال «ظواهرها نور يتلألأ». وهذا يدل على نهاية شرف هذه الفرش؛ لأنه ذكر: أن بطائنها من إستبرق، ولا بد أن تكون الظهائر خيرا من البطائن، فهو مما لا يعلمه البشر.

{وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ:} الجنى: ما يجتنى من الشجر. يقال: «أتانا بجناة طيبة» لكل ما يجتنى، وثمر جنيّ (على فعيل) حين جني. قال عمرو بن عدي اللخمي ابن أخت جذيمة الأبرش: [الرجز] هذا جناي وخياره فيه... إذ كلّ جان يده إلى فيه

و {دانٍ} قريب. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: تدنو الشجرة؛ حتى يجتنيها ولي الله إن شاء قائما، وإن شاء قاعدا، وإن شاء مضطجعا، لا يرد يده بعد، ولا شوك. وخذ قوله تعالى في سورة (الحاقة): {قُطُوفُها دانِيَةٌ،} وفي سورة (الدهر): {وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً}.

هذا؛ وإعلال {دانٍ} مثل إعلال {فانٍ} في الاية رقم [٢٦] مع العلم: أن أصله: (دانو)؛ لأنه من: دنا، يدنو، فهو واوي بخلاف {فانٍ} فإنه يائي من: فنى، يفنى.

الإعراب: {مُتَّكِئِينَ:} حال عامله محذوف، التقدير: يتنعمون، فهو حال من واو الجماعة، أو هو حال من: الخائفين؛ لأنّ: (من خاف) في معنى الجمع. وقيل: هو منصوب على المدح للخائفين بفعل محذوف. وفاعله مستتر فيه؛ لأنه جمع: متكئ. {عَلى فُرُشٍ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {مُتَّكِئِينَ}. {بَطائِنُها:} مبتدأ، و (ها): ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {مِنْ إِسْتَبْرَقٍ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل جر صفة {فُرُشٍ}.

{وَجَنَى:} (الواو): حرف استئناف. (جنى): مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف

<<  <  ج: ص:  >  >>