للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً:} يقال: صلي النار، يصلاها صلى، وصلاء: قاسى حرها. قال تعالى في سورة (الأعلى): {لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى} والصّلاء هو التسخن بقرب النار، أو مباشرتها، ومنه قول الحارث بن عبّاد: [الخفيف]

لم أكن من جناتها علم الل‍... هـ وإنّي لحرّها اليوم صال

وصليته في النار: شويته فيها، وأصليته مثله، وصلّيته بتشديد اللام من التصلية لكثرة الفعل مرة بعد أخرى، قال تعالى: {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ}. وتصلّيت: استدفأت بالنار، قال الشاعر: [المنسرح]

وقد تصلّيت حرّ حربهم... كما تصلّى المقرور من قرس

هذا؛ وقال السّدي-رحمه الله تعالى-: يبعث آكل اليتيم ظلما يوم القيامة، ولهب النار يخرج من فيه، ومن سمعه، وعينيه، وأنفه، يعرفه من رآه بآكل مال اليتيم. وفي حديث أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: حدّثنا النبي عن ليلة أسري به، قال: «نظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل، وقد وكّل بهم من يأخذ بمشافرهم، ثمّ يجعل في أفواههم صخرا من نار، يخرج من أسافلهم. قلت: يا جبريل! من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلما، إنّما يأكلون في بطونهم نارا». قرطبي، وخازن.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «اجتنبوا السّبع الموبقات» قيل:

يا رسول الله! وما هنّ؟ قال: «الشرك بالله، والسّحر، وقتل النّفس الّتي حرّم الله إلاّ بالحقّ، وأكل مال اليتيم، وأكل الرّبا، والتّولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات».

رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنّسائي.

هذا؛ ولما نزلت الآية الكريمة؛ ثقل ذلك على الناس، واحترزوا من مخالطة اليتامى، وأموالهم بالكلية، فشق ذلك على اليتامى، فنزل قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢٢٠]: {وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ}. انظر شرحها هناك؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

هذا؛ وقد أوصى الله، ورسوله باليتيم، وحفظ ماله، فقال تعالى في كثير من الآيات:

{وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}. وقال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ}. فعن سهل بن سعد-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنا وكافل اليتيم في الجنّة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى، وفرّج بينهما». رواه البخاريّ، وأبو داود، والترمذي.

ورغّب عليه الصلاة والسّلام المرأة في القعود على أولادها إذا آمت من زوجها. فعن عوف بن مالك الأشجعي-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أنا وامرأة سفعاء الخدّين كهاتين يوم القيامة، امرأة آمت من زوجها ذات منصب، وجمال، حبست نفسها على يتاماها؛ حتّى بانوا، أو ماتوا». رواه أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>