للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف العلماء فيما إذا كان الزّوجان يريدان الفراق، وكان منهما نشوز، وسوء عشرة، فقال مالك-رضي الله عنه-: للزّوج أن يأخذ منها؛ إذا تسببت في الفراق، ولا يراعى تسببه هو.

وقالت جماعة من العلماء: لا يجوز له أخذ المال إلا أن تنفرد هي بالنّشوز، وتطلبه في ذلك.

هذا؛ وفي الآية الكريمة دليل على جواز المغالاة في المهور؛ لأنّ الله تعالى لا يمثل إلا بمباح. وخطب عمر-رضي الله عنه-، فقال: ألا لا تغالوا في صدقات النّساء، فإنّها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله؛ لكان أولاكم بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ما أصدق قطّ امرأة من نسائه، ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقيّة. فقامت إليه امرأة، فقالت: يا عمر! يعطينا الله، وتحرمنا! أليس الله يقول: {وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً؟!} قال-رضي الله عنه-: أصابت امرأة، وأخطأ عمر. وفي رواية: كلّ الناس أفقه منك يا عمر! والجملة فيها تفخيم الأمر، وتأكيده، والمبالغة فيه.

{أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً} أي: ظلما، وباطلا ظاهرا. والبهتان: هو الافتراء، وهو:

أن تستقبل الرجل بأمر قبيح تقذفه به، وهو بريء منه؛ لأنه يبهت عند ذلك، ويتحيّر. والاستفهام للتوبيخ، والتقريع.

هذا؛ و {زَوْجٍ} يطلق على الرّجل، والمرأة، والقرينة تبيّن الذّكر، والأنثى، ويقال لها أيضا: زوجة، وحذف التاء منها أفصح إلا في الفرائض، فإنّها بالتاء أفصح لتوضيح الوارث، قال الأصمعي: ولا تكاد العرب تقول: زوجة. وحكى الفرّاء: أنه يقال: زوجة، وأنشد للفرزدق: [الطويل]

وإنّ الّذي يسعى ليفسد زوجتي... كساع إلى أسد الشّرى يستبيلها

وقال عمّار بن يسار-رضي الله عنه-في شأن عائشة-رضي الله عنها-: «والله إنّها لزوجة نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم في الدّنيا والآخرة، ولكنّ الله-تبارك وتعالى-ابتلاكم ليعلم: إيّاه تطيعون، أم هي؟» ذكره البخاريّ. وعن أنس رضي الله عنه: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم كان مع إحدى نسائه، فمرّ به رجل، فدعاه، فقال: «يا فلان هذه زوجتي». فقال: يا رسول الله! من كنت أظنّ به، فلم أكن أظنّ بك! فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الشّيطان يجري من الإنسان مجرى الدّم في العروق». أخرجه مسلم. والمحفوظ:

أنّ ذلك كان ليلا، وأنّ الرّجل كان الزّبير بن العوّام، -رضي الله عنه-.

هذا؛ والزوج: القرين، قال تعالى: {اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ} أي: قرناءهم، الآية رقم [٢٢] من سورة (الصافات)، والزّوج: ضد الفرد، وكلّ واحد منهما يسمى: زوجا أيضا، ويقال للاثنين: هما زوجان، وهما زوج، كما يقال: هما سيّان، وهما سواء. قال تعالى لنوح-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {اِحْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} أي: من كلّ زوج

<<  <  ج: ص:  >  >>