للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٢٢]: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} وقال ابن عربي: ولعلمائنا في وصف الربّ بأنه توّاب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يجوز في حق الربّ سبحانه وتعالى، فيدعى به كما في الكتاب، والسنة، ولا يتأول. وقال آخرون: هو وصف حقيقي لله سبحانه وتعالى. وتوبة الله على العبد:

رجوعه من حال المعصية إلى حال الطاعة، وقال آخرون: توبة الله على العبد: قبوله توبته، وذلك يحتمل أن يرجع قوله سبحانه وتعالى: قبلت توبتك، وأن يرجع إلى خلقه الإنابة، والرجوع في قلب المسيء وإجراء الطاعات على جوارحه الظاهرة. وإنما قيل لله عز وجل: تواب لمبالغة الفعل وكثرة قبوله توبة عباده لكثرة من يتوب إليه، هذا ويقرأ بكسر همزة «إنه» وفتحها.

تنبيه: اعلم: أنه ليس لأحد قدرة على خلق التوبة؛ لأن الله تعالى هو المنفرد بخلق الأعمال، خلافا للمعتزلة، ومن قال بقولهم، وكذلك ليس لأحد أن يقبل توبة من أسرف على نفسه، ولا أن يعفو عنه، قال العلماء: وقد كفرت اليهود والنّصارى بهذا الأصل العظيم في الدين، اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله عز وجلّ، وجعلوا لمن أذنب أن يأتي الحبر، أو الراهب، فيعطيه شيئا، ويحط عنه ذنوبه: {اِفْتِراءً عَلَى اللهِ قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ} سورة (الأنعام) رقم [١٤٠].

وقال سعيد بن جبير-رضي الله عنه-: لما أهبط الله آدم إلى الأرض لم يكن فيها شيء غير النسر في البرّ، والحوت في البحر، فكان النسر يأوي إلى الحوت، فيبيت عنده، فلما رأى النسر آدم، قال: يا حوت أهبط إلى الأرض اليوم شيء يمشي على رجليه، ويبطش بيديه، فقال الحوت: لئن كنت صادقا ما لي منه في البحر منجى، ولا لك في البر منه مخلص. انتهى كلّه من القرطبي بتصرف مني.

هذا و {كَلِماتٍ} جمع: كلمة، وفيها ثلاث لغات: الأولى: كلمة على وزن: نبقة، وهي الفصحى، ولغة أهل الحجاز، وبها نطق القرآن الكريم في آيات كثيرة، وجمعها: كلم كنبق، والثانية: كلمة على وزن سدرة، والثالثة: كلمة على وزن: تمرة، وهما لغتا تميم، وجمع الأولى: كلم، كسدر، والثانية: كلم، كتمر، وكذلك كل ما كان على وزن فعل، وفعل، ك‍: كبد، وكتف، فإنه يجوز فيه اللغات الثلاث، فإن كان الوسط حرف حلق، جاز فيه لغة رابعة وهي: إتباع الأول للثاني في الكسر، نحو: فخذ، وشهد، وهي في الأصل: قول مفرد، مثل:

محمد، وقام، وقعد، وفي، ولن، وقد تطلق على الجمل المفيدة، كما في قوله تعالى: {كَلاّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها} إشارة إلى قوله: {اِرْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ} وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:

«أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد»: [الطويل]

ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل... وكلّ نعيم لا محالة زائل

المراد بكلمة لبيد: الشّطر الأول بكامله، وتقول: قال فلان كلمة، والمراد بها كلام كثير، وهو شائع، ومستعمل عربيّة في القديم، والحديث، وفي القرآن، وأحاديث الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>