للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تبخلنّ بدنيا وهي مقبلة... فليس ينقصها التّبذير والسّرف

وإن تولّت فأحرى أن تجود بها... فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف

ورحم الله من قال: [الوافر]

وذي حرص تراه يلمّ وفرا... لوارثه ويدفع عن حماه

ككلب الصّيد يركض وهو طاو... فريسته ليأكلها سواه

{وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ:} قيل: هم الأغنياء؛ الذين كتموا الغنى، وأظهروا الفقر، وبخلوا بالمال. وقيل: المراد اليهود الذين كتموا صفة محمد صلّى الله عليه وسلّم الموجودة في التوراة، والإنجيل.

عن عطاء بن يسار-رحمه الله تعالى-قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما-فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في التوراة، فقال: أجل، والله إنّه لموصوف في التّوراة بصفته في القرآن: «يا أيّها النّبيّ إنّا أرسلناك شاهدا، ومبشّرا، ونذيرا، وحرزا للأمّيين، أنت عبدي، ورسولي، سمّيتك المتوكّل، ليس بفظّ، ولا غليظ، ولا سخّاب بالأسواق، ولا يدفع السّيّئة بالسّيّئة، ولكن يعفو، ويغفر، ولن يقبضه الله؛ حتّى يقيم به الملّة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلاّ الله، فيفتح بها أعينا عميا، وآذانا صمّا، وقلوبا غلفا». رواه البخاريّ، وأحمد، رحمهما الله تعالى!.

هذا؛ و (كتم) من باب: نصر، وربما عدّي إلى مفعولين، فيقال: كتمت زيدا الحديث، ومنه الآية رقم [٤٢] الآتية، والأكثر أن يتعدّى للثاني بحرف الجر، قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٥٩] {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى..}. إلخ، وتزاد (من) جوازا في المفعول الأول، فيقال: كتمت من زيد الحديث، وكتّم الشيء: بالغ في كتمانه، أي: في إخفائه، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان» قال صاحب القاموس: والكتم محركة، والكتمان بالضّمّ: نبت يخلط بالحناء، ويخضّب به الشعر، ويصنع منه مداد الكتابة. انتهى.

ورحم الله البوصيري إذ يقول: [البسيط]

فإنّ أمّارتي بالسّوء ما اتّعظت... من جهلها بنذير الشّيب والهرم

ولا أعدّت من الفعل الجميل قرى... ضيف ألمّ برأسي غير محتشم

لو كنت أعلم أنّي ما أوقّره... كتمت سرّا بدا لي منه بالكتم

{وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ:} للجاحدين نعمة الله عليهم؛ إذ يراد بالكفر: الجحود. {عَذاباً مُهِيناً:} أي: يهانون به في الآخرة. وإعلاله مثل إعلال: {مُبِيناً} في الآية رقم [٢٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>