فقد قال الحسن البصري-رحمه الله تعالى-: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد، نفس دائم، وحزن لازم، وعبرة لا تنفد. وقال عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-: لا تعادوا نعم الله! قيل له: ومن يعادي نعم الله؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، يقول الله في بعض الكتب: (الحسود عدوّ نعمتي، متسخّط لقضائي، غير راض بقسمتي). ورحم الله من قال: [الكامل]
وإذا أراد الله نشر فضيلة... طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النّار فيما جاورت... ما كان يعرف طيب عرف العود
وقال أبو الأسود الدؤلي-رحمه الله تعالى-، وهو الشاهد رقم [٣٨٦] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الكامل]
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه... فالكلّ أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها... حسدا وبغضا إنّه لدميم
وقيل: إذا سرك أن تسلم من الحاسد؛ فعمّ عليه أمرك، ولرجل من قريش قال: [الرمل]
حسدوا النّعمة لمّا ظهرت... فرموها بأباطيل الكلم
وإذا ما الله أسدى نعمة... لم يضرها قول أعداء النّعم
هذا؛ وكلّ ذي نعمة محسود. اسمع قول القائل: [البسيط]
إن يحسدوك على فضل خصصت به... فكلّ منفرد بالفضل محسود
ومآل الحسود في الدّنيا: الهمّ، والغمّ، والهلاك. وفي الآخرة: عذاب النار، وبئس القرار! ولقد أحسن من قال: [مجزوء الكامل]
اصبر على حسد الحسو... د فإنّ صبرك قاتله
فالنّار تأكل بعضها... إن لم تجد ما تأكله
فإبليس لمّا حسد آدم؛ طرد من رحمة الله، وقابيل لمّا حسد أخاه هابيل؛ كان مآله الخزي، والنكال، واليهود لمّا حسدوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم طردوا من رحمة الله، واستحقّوا اللعنة في الدنيا والآخرة، وباءوا بغضب من الله بنصّ القرآن، والنصارى ضلّوا سواء السبيل.
الإعراب: {أَمْ:} حرف عطف بمعنى «بل» للانتقال من موضوع إلى آخر. {يَحْسُدُونَ:}
فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله. {النّاسَ:} مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة بعد «بل» لا محلّ لها. {عَلى ما:} متعلقان بالفعل قبلهما، و {ما:} تحتمل الموصولة،