هذا؛ و (آيات) جمع: آية، وهي في الأصل: العلامة الظاهرة، وتقال للمصنوعات في هذا الكون من حيث إنّها تدلّ على وجود الصانع، وعلمه، وقدرته. قال تعالى في سورة (البقرة):
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} {لَآياتٍ..}. إلخ رقم [١٦٤]، وقال في سورة (آل عمران) رقم [١٩٠] {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ..}. إلخ. كما تقال لكل طائفة من القرآن، كما في هذه الآية، كما تطلق على المعجزة الخارقة للعادة، مثل:
انشقاق القمر، ونحوه، وتطلق على الموعظة، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}. كما تطلق، ويراد بها العبرة، والاعتبار، كما في قوله تعالى: {قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ..}. إلخ رقم [١٣] من سورة (آل عمران). هذا؛ والتعبير في هذه الآية وغيرها كثير عن المستقبل بالماضي إنّما هو لتحقق الوقوع.
هذا؛ و (الذوق) يكون محسوسا، ومعنى، وقد يوضع موضع الابتلاء، والاختبار، تقول:
اركب هذا الفرس. فذقه؛ أي: اختبره، وانظر فلان، فذق ما عنده. قال الشماخ يصف قوسا: [الطويل]
فذاق فأعطته من اللّين جانبا... كفى ولها أن يغرق السّهم حاجز
وقد يعبّر بالذّوق عمّا يطرأ في النفس، وإن لم يكن مطعوما لإحساسها به كإحساسها بذوق المطعوم، قال عمر بن أبي ربيعة المخزومي: [الطويل]
فذق هجرها إن كنت تزعم أنّها... فساد ألا يا ربّما كذب الزّعم
وتقول: ذقت ما عند فلان، أي: اختبرته، وذقت القوس: إذا جذبت وترها؛ لتنظر ما شدّتها؟ وأذاقه الله وبال أمره، أي: عقوبة كفره ومعاصيه، قال طفيل بن سعد الغنوي: [الطويل]
فذوقوا كما ذقنا غداة محجّر... من الغيظ في أكبادنا والتّحوّب
وتذوّقته، أي: ذقته شيئا فشيئا. وأمر مستذاق، أي: مجرب معلوم. قال الشاعر: [الوافر]
وعهد الغانيات كعهد قين... دنت عند الجعائل مستذاق
وأصله: ذوق بالضم، وذوقوا في كثير من الآيات للإهانة، وفيه استعارة تبعية تخيليّة، وذكر العذاب في كثير من الآيات استعارة مكنية؛ حيث شبّه العذاب بشيء يدرك بحاسة الأكل، وشبّه الذّوق بصورة ما يذاق، وأثبت للذّوق تخييلا.
الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها. {كَفَرُوا:} ماض وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {بِآياتِنا:} متعلقان بما قبلهما، و (نا) في محل جر بالإضافة. {سَوْفَ:} حرف