للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغات قرئ بها كلها. وتميم يقولون: «إسرائين». قال الشاعر، انظر الشاهد رقم [٣٣٢] من كتابنا:

«فتح ربّ البرية» وما يتعلّق به: [الوافر]

قالت وكنت رجلا فطينا... هذا-لعمر الله-إسرائينا

فعلى ما تقدم يكون ليعقوب اسمان، وممّن له اسمان: يونس، ويسمّى: ذا النون، وإلياس، ويسمى: ذا الكفل في بعض الأقوال، وعيسى عليه السّلام، يقال له: المسيح، وقد سمّاه الله:

روحا، وكلمة، وكانوا يسمّونه: أبيل الأبيلين، ذكره الجوهري في صحاحه، ونبينا صلّى الله عليه وسلّم له أسماء كثيرة تزيد عن المائتين، وهي مذكورة بجدران مسجده الشّريف، وبنو إسرائيل هم المنتسبون لأولاد يعقوب الاثني عشر، ويطلق عليهم الأسباط، كما في الآية [١٣٦] الآتية.

{اُذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ:} المراد جميع النعم التي أنعم الله بها على آبائهم، ممّا عدد عليهم في هذه السورة الكريمة: من الإنجاء من فرعون وعذابه، ومن الغرق في البحر، ومن العفو عن اتخاذ العجل، والتوبة عليهم، وتظليل الغمام في التيه، وإنزال المن والسلوى لهم فيه أيضا، وهذا من تذكير الأبناء بما أنعم الله به على الآباء، ويضاف إلى ذلك ما أنعم الله به عليهم من إدراك زمن محمد صلّى الله عليه وسلّم المبشّر به في التوراة والإنجيل، وقد هاجر آباؤهم من بلاد الشّام إلى الحجاز ليسبقوا الناس إلى الإيمان به، كما ستعرفه فيما يأتي إن شاء الله تعالى.

{وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} انظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٧]، والوفاء بعهده: القيام بطاعته، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ولا يتم هذا إلا بالإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، وبالقرآن المنزل عليه، والعمل بما فيه، لذا قال الله لهم: {خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} رقم [٦٣] الآتية، وقال تعالى في سورة (المائدة) رقم [١٢]: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً} وقال تعالى في الآية رقم [١٨٧] من سورة (آل عمران): {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ}. وقيل: هو عام في جميع أوامر الله، ونواهيه، ووصاياه، فيدخل في ذلك ذكر محمد صلّى الله عليه وسلّم الذي في التوراة، وغيره، وهذا قول الجمهور من العلماء وهو الصحيح، وعهده سبحانه وتعالى الذي عهده لهم هو أن يدخلهم الجنة، ويرحمهم برحمته الواسعة. وانظر الآية رقم [٥١] الآتية.

تنبيه: وما طلب من هؤلاء من الوفاء بالعهد مطلوب منّا، قال تعالى في سورة (المائدة):

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ،} وقال تعالى في سورة (النحل) رقم [٩١]: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها}.

{وَإِيّايَ فَارْهَبُونِ} أي: خافوني دون غيري، والرّهب، والرّهبة: الخوف. قال تعالى في سورة (القصص) رقم [٣٢] لموسى-عليه السّلام-: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ..}.

إلخ. هذا وقد خرج الأمر في الآية إلى معنى التّهديد. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>