غاية، وإن أهنتموه، وأعريتموه، وأجعتموه؛ أفضى بكم إلى خير غاية؟». قالوا: يا رسول الله! هذا شرّ صاحب! قال: «والّذي نفسي بيده، إنّها لنفوسكم الّتي بين جنوبكم». انتهى.
أمّا {دِيارِكُمْ} فهو جمع: دار، وهي مؤنّثة، وقد تذكّر، وهي منزل الإنسان، ومسكنه، أصلها: دور بفتحتين، قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وجمعها: ديار، ودور، وأدؤر، وأدور، وأدورة، وأدوار، ودورات، وديارات اعتلّت عينه بالقلب. هذا؛ والدار أيضا:
البلد، والقبيلة، ودار القرار: الآخرة، والدّاران: الدنيا، والآخرة، ودار الحرب: بلاد العدوّ.
هذا؛ وقال أبو حاتم: إنّ الدّيار: العساكر، والخيام. لا البنيان، والعمران، وعليه قوله تعالى:
{فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ} أي: في عساكرهم، وخيامهم ميتين. وقال جلّ شأنه: {فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ} أي: في مدينتهم المعمورة. ولو أراد غير ما قيل؛ لجمع الدار، فعلم من كلامه: أنّ الديار مخصوصة بالخيام. قال صاحب الخزانة: وهذه غفلة عن قول الشاعر، وهو مجنون ليلى: (أقبّل ذا الجدار) هو حائط البيت، وذلك في قوله-وهو الشاهد رقم [٩٠٣] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الوافر]
أمرّ على الدّيار ديار ليلى... أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حبّ الدّيار شغفن قلبي... ولكن حبّ من سكن الديارا
الإعراب: {وَلَوْ أَنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ:} إعراب هذه الكلمات مثل إعراب: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا} في الآية رقم [٦٤] بلا فارق. {أَنِ:} حرف تفسير؛ لأنّ {كَتَبْنا} بمعنى: قلنا لهم.
{اُقْتُلُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها مفسّرة ل {كَتَبْنا} لا محلّ لها، وقال الشلوبين: بحسب ما تفسّره، والتي بعدها معطوفة عليها، واعتبرت {أَنِ} مفسّرة؛ لأنّ ما قبلها مضمّن معنى القول دون حروفه. هذا؛ وبعضهم يعتبرها مصدرية تؤوّل مع ما بعدها بمصدر في محل جرّ بحرف جر محذوف، التقدير:
بأن اقتلوا، أو في محل نصب مفعول به، التقدير: كتبنا عليهم القتل. {ما:} نافية. {فَعَلُوهُ:}
ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية جواب ({لَوْ}) لا محلّ لها، و ({لَوْ}) ومدخولها معطوف على ما قبله، أو هو مستأنف لا محلّ له على الاعتبارين. {إِلاّ:} حرف حصر. {قَلِيلٌ:} بدل من واو الجماعة، وقرئ بالنّصب على الاستثناء. {مِنْهُمْ:} جار، ومجرور متعلقان ب {قَلِيلٌ}.
{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا:} إعرابه مثل إعراب سابقه. {ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {يُوعَظُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع... إلخ، والواو: نائب فاعله، والجملة الفعلية صلة {ما} أو صفتها، والعائد، أو الرابط الضمير المجرور محلاّ بالباء. {بِهِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {لَكانَ:} اللام: واقعة