للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضينا من تهامة كلّ ريب... وخير ثمّ أجمعنا السّيوفا

{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً} أي: لا أحد أصدق من الله في إخباره، ووعده، ووعيده؛ لاستحالة الكذب عليه لقبحه؛ لكونه إخبارا عن الشّيء بخلاف ما هو عليه، فلا إله إلا هو، ولا ربّ سواه.

هذا؛ وقوله تعالى: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} أي: للخلق أجمعين، وهذا في الأعيان، ويقال: أجمع الأمر: إذا عزم عليه، والأمر مجمع، ويقال أيضا: اجمع أمرك، ولا تدعه منتشرا. قال تعالى حكاية عن قول فرعون، وأشياعه: {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا}. ولا يقال: أجمع أعوانه، وشركاءه، وإنّما يقال: جمع أعوانه، وشركاءه، وهذا مبنيّ على قاعدة: «يقال: أجمع في المعاني، وجمع في الأعيان». هذا هو الأكثر، والمستعمل، وقد يستعمل كلّ واحد مكان الآخر، قال تعالى في سورة (طه): {فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى} والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {اللهُ:} مبتدأ. {لا:} نافية للجنس تعمل عمل: «إنّ». {إِلهَ:} اسم: {لا} مبني على الفتح في محل نصب، والخبر محذوف تقديره: موجود. {إِلاّ:} حرف حصر، لا محلّ له. {هُوَ:} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: كونه بدلا من اسم: {لا} على المحلّ؛ إذ محله الرّفع على الابتداء. وثانيها: كونه بدلا من: {لا} وما عملت فيه؛ لأنّها وما بعدها في محل رفع بالابتداء. وثالثها: كونه بدلا من الضمير المستكن في الخبر المحذوف، وهو الأقوى.

والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ. {لَيَجْمَعَنَّكُمْ:} اللام: واقعة في جواب قسم محذوف، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم (يجمعنكم):

فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التّوكيد الثقيلة؛ التي هي حرف لا محلّ له، والفاعل يعود إلى: {اللهُ} والكاف مفعول به، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها جواب القسم المقدّر، والقسم، وجوابه كلام مستأنف لا محلّ له، أو هو في محل رفع خبر ثان للمبتدإ، انظر آية الكرسي. {إِلى يَوْمِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. وقيل: متعلقان بمحذوف حال من كاف الخطاب، التقدير: مفضين. و {يَوْمِ} مضاف، و {الْقِيامَةِ:} مضاف إليه. {لا:} نافية للجنس.

{رَيْبَ:} اسمها مبني على الفتح في محل نصب. {فِيهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر: {لا}. والجملة الاسمية في محل نصب حال من: {يَوْمِ الْقِيامَةِ} والرابط: الضمير فقط.

وقيل: في محل صفة لمفعول مطلق محذوف، التقدير: جمعا لا ريب فيه. والجملة الاسمية:

{اللهُ..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها. {وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. ({مَنْ}): اسم استفهام مفيد للنفي مبني على السّكون في محل رفع مبتدأ. {أَصْدَقُ:} خبره، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها. {مِنَ اللهِ:} متعلقان ب‍ {حَدِيثاً} أو بمحذوف حال منه، كان صفة، فلمّا قدّم عليه؛ صار حالا. {حَدِيثاً:} تمييز، وانظر الآية رقم [١٢٢] فهو مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>