يعني: بالقتل، والقتال. بعد هذا فوجه النظم، واتصال الكلام بما قبله: أي: اقتلوا المنافقين الّذين اختلفتم فيهم إلا أن يهاجروا، وإلا أن يتّصلوا بمن بينكم وبينهم ميثاق، فيدخلون فيما دخلوا فيه، فلهم حكمهم، وإلا الّذين جاءوكم قد حصرت صدورهم عن أن يقاتلوكم، أو يقاتلوا قومهم، فدخلوا فيكم؛ لا تقتلوهم.
تنبيه: ما ورد في الآية الكريمة منسوخ بآية السيف الآمرة بقتالهم، سواء قاتلوا، أو لم يقاتلوا، وسواء التجئوا إلى المعاهدة، أو لا، وذلك لأنّ الله لمّا أعزّ الإسلام وأهله؛ أمر أن لا يقبل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم من مشركي العرب إلا الإسلام، أو القتل، بل ولا يقبل منهم جزية. وقيل:
المراد بالّذين حصرت صدورهم: الجماعة الذين خرجوا يوم بدر من بني هاشم مع المشركين مكرهين، كالعبّاس-رضي الله عنه-ولهذا نهى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يومئذ عن قتل العباس، وأمر بأسره.
الإعراب: {إِلاَّ:} أداة استثناء. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب على الاستثناء من الضمير المنصوب في قوله: (خذوهم {وَاقْتُلُوهُمْ}). {يَصِلُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {إِلى قَوْمٍ:} متعلقان بما قبلهما. {بَيْنَكُمْ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدّم، والكاف في محل جر بالإضافة.
{وَبَيْنَهُمْ:} ظرف مكان معطوف على سابقه، والهاء في محل جر بالإضافة. {مِيثاقٌ:} مبتدأ، مؤخر، والجملة الاسمية في محل جر صفة {قَوْمٍ}. {أَوْ:} حرف عطف. {جاؤُكُمْ:} ماض وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على جملة الصّلة، لا محلّ لها مثلها. {حَصِرَتْ:}
فعل ماض، والتاء للتأنيث. {صُدُورُهُمْ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الضمير فقط، وهي على تقدير «قد» قبلها.
وقيل: لا محلّ لها، وهي دعاء عليهم. وقيل غير ذلك، والمعتمد الحالية، ويؤيّده قراءة:
(«حصرة صدورهم»)، و (حصرات صدورهم). {أَنْ:} حرف مصدر، ونصب. {يُقاتِلُوكُمْ:} فعل مضارع منصوب ب {أَنْ} وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والكاف مفعول به، و {أَنْ} والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: عن قتالكم، وعن قتال قومهم، أو المصدر في محل جرّ بإضافة مفعول لأجله محذوف، التقدير: كراهة قتالكم، وقتال قومهم.
{وَلَوْ:} الواو: حرف استئناف. ({لَوْ}): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {شاءَ اللهُ:}
ماض، وفاعله، ومفعوله محذوف، تقديره: شاء الله تسليطهم عليكم. والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنّها ابتدائية، ويقال: لأنّها جملة شرط غير ظرفي. {لَسَلَّطَهُمْ:} اللام: واقعة في جواب ({لَوْ}). (سلطهم): فعل ماض، والهاء مفعوله، والفاعل يعود إلى: {اللهُ،} والجملة الفعلية جواب ({لَوْ}) لا محلّ لها، و ({لَوْ}) ومدخولها كلام مستأنف، لا محلّ له. {عَلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة: (لقاتلوكم): معطوفة على جواب ({لَوْ}) لا محلّ لها مثلها.