للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: في الرزق، وسعة في الأرض الّتي يهاجر إليها، فمن ضاق رزقه في بلده؛ فليلتمسه في غيره، ورحم الله من قال: [الوافر]

بلاد الله واسعة فضاء... ورزق الله في الدّنيا فسيح

فقل للقاعدين على هوان... إذا ضاقت بكم أرض فسيحوا

ورحم الله من قال أيضا: [الكامل]

وإذا رأيت الرّزق ضاق ببلدة... وخشيت فيها أن يضيق المكسب

فارحل فأرض الله واسعة الفضا... طولا وعرضا شرقها والمغرب

{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} قبل بلوغه مهاجره. {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ} أي: فقد وقع أجر هجرته على الله بإيجابه على نفسه بحكم الوعد، والتفضّل، والإحسان، والكرم، لا وجوب استحقاق، وتحتّم؛ لأنّ الله لا يجب عليه شيء لعباده. {وَكانَ اللهُ غَفُوراً:} للذنوب. {رَحِيماً:} بعباده. وهما صيغتا مبالغة، كما ذكرته مرارا.

تنبيه: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: لمّا نزلت الآية التي قبل هذه سمعها رجل من بني ليث، شيخ كبير، يقال له: جندع بن ضمرة، فقال: والله ما أنا ممّن استثنى الله عزّ وجل، وإنّي لأجد حيلة، ولي من المال ما يبلغني المدينة، وأبعد منها، والله لا أبيت اللّيلة بمكّة! أخرجوني! فخرجوا به يحملونه على سرير حتّى أتوا به التنعيم، فأدركه الموت، فصفق بيمينه على شماله، ثمّ قال: اللهم هذه لك، وهذه لرسولك، أبايعك على ما بايعك عليه رسولك. ثم مات، -رضي الله عنه-، وأرضاه، فبلغ خبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، فقالوا: لو وافى المدينة؛ لكان أتمّ، وأوفى أجرا، وضحك المنافقون، والمشركون، وقالوا: ما أدرك ما طلب! فنزلت الآية الكريمة. انتهى. خازن، وقرطبي.

تنبيه: كلّ من خرج لطلب علم أو حجّ، أو جهاد، أو فرارا إلى بلد يزداد فيه طاعة، أو قناعة، أو زهدا، أو ابتغاء رزق طيّب-أي: حلال-فهي هجرة إلى الله ورسوله، وإن أدركه الموت في طريقه؛ فقد وقع أجره على الله. انتهى نسفي. وخذ ما يلي:

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من خرج حاجّا، فمات؛ كتب له أجر الحاجّ إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرا، فمات؛ كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازيا، فمات؛ كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة». أخرجه الحافظ أبو يعلى.

وعن عمر-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّما الأعمال بالنّيّات، وإنّما لكلّ امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته

<<  <  ج: ص:  >  >>