تتألّمون. فهو مثل قوله في سورة (آل عمران) رقم [١٤٠]: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ}.
{وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ} أي: أنتم وإيّاهم فيما يصيبكم من الجرح، والآلام سواء، ولكن أنتم ترجون من الله المثوبة، والنّصر، والتأييد، كما وعدكم في كتابه، وعلى لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم وهو وعد حق، وخبر صدق، وهم لا يرجون شيئا من ذلك، فأنتم أجدر بالجهاد، والقتال منهم، وأنتم أحقّ في إقامة كلمة الله، وإعلانها. فما لكم لا تصبرون مثل صبرهم، مع أنّكم أجدر بالصّبر منهم؟!
{وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً:} هو أعلم فيما يقدّره، ويقضيه، وينفذه، ويمضيه من أحكامه الكونية، والشّرعية، وهو المحمود على كلّ حال، وعلى كلّ لسان. والحمد لله!.
هذا؛ و ({تَرْجُونَ}) بمعنى: تؤمّلون؛ لأنّ أصل الرّجاء الأمل في الشّيء، والطّماعية فيه، قال الشاعر:[الوافر]
أترجو أمّة قتلت حسينا... شفاعة جدّه يوم الحساب
كما يأتي:«ما أرجو» بمعنى: ما أبالي، قال خبيب بن عديّ-رضي الله عنه وأرضاه-: [الطويل]
لعمرك ما أرجو إذا كنت مسلما... على أيّ جنب كان في الله مصرعي
هذا؛ و «الرّجاء» يأتي بمعنى الخوف، قال تعالى في سورة (الفرقان): {وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا..}. إلخ، وقال في آخر سورة (الكهف): {فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً..}. إلخ، وهي لغة تهامة، ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي في صفة عسّال، أي: الذي يقطف عسل النّحل: [الطويل]
إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها... وخالفها في بيت نوب عواسل
الإعراب:{وَلا:} الواو: حرف استئناف. ({لا}): ناهية. {تَهِنُوا:} فعل مضارع مجزوم ب ({لا}) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مستأنفة لا محلّ لها. {فِي ابْتِغاءِ:} متعلقان بما قبلهما، و {اِبْتِغاءِ} مضاف، و {الْقَوْمِ:} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف. {إِنْ:} حرف شرط جازم. {تَكُونُوا:} فعل مضارع ناقص فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو اسمه، والألف للتفريق. {تَأْلَمُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب خبر:{تَكُونُوا،} والجملة الفعلية هذه لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية، ويقال: لأنّه جملة شرط غير ظرفي. {فَإِنَّهُمْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إنّهم): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه، وجملة:{يَأْلَمُونَ} في محل رفع خبره، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا