للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غريب، وفي إسناده مقال، وله رواية أخرى عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال ناس من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله عزّ وجلّ إن تولينا، استبدلوا منا، ثم لا يكونوا أمثالنا؟ قال: وكان سلمان-رضي الله عنه-بجنب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فخذ سلمان، فقال: «هذا، وأصحابه، والّذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثّريّا؛ لتناوله رجال من فارس». ولهذا الحديث طريق في الصحيح.

{وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً} أي: الإعدام، والاستبدال. {قَدِيراً:} بليغ القدرة، لا يعجزه شيء، وفي هذه الآية تقرير أيضا لغناه تعالى، وكمال عزته، وعظمته، وفيها تهديد، ووعيد لمن عصاه، وخالف أوامره. والقدرة: صفة أزلية، لا تتناهى مقدّرات الله، كما لا تتناهى معلوماته.

والماضي والمستقبل في صفاته بمعنى واحد، والمعنى: كان، ولا يزال كائنا قادرا مقتدرا.

الإعراب: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ:} الإعراب واضح إن شاء الله تعالى. {وَيَأْتِ:} فعل مضارع معطوف على جواب الشّرط مجزوم مثله، وعلامة جزمه حذف حرف العلّة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، وفاعله وما قبله يعود إلى الله تعالى، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١١٥]. {بِآخَرِينَ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. و {إِنْ} مدخولها كلام مستأنف لا محلّ له. {وَكانَ اللهُ..}. إلخ: الإعراب واضح.

{أَيُّهَا:} نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب ب‍ «يا» المحذوفة، و (ها): حرف تنبيه لا محل لها، وأقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه، ولا يقال: ضمير في محل جر بالإضافة؛ لأنّه يجب حينئذ نصب المنادى. {النّاسُ:} بعضهم يعرب هذا، وأمثاله نعتا، وبعضهم يعربه بدلا، والقول الفصل: أنّ الاسم الواقع بعد «أي» واسم الإشارة إن كان مشتقا؛ فهو نعت، وإن كان جامدا كما هنا؛ فهو بدل، أو عطف بيان، والمتبوع-أعني: «أي» أو اسم الإشارة-منصوب محلاّ، وكذا التابع أعني: {النّاسُ} فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الإتباع اللّفظية، وإنّما أتبعت ضمة البناء مع أنّها لا تتبع؛ لأنّها وإن كانت ضمة بناء، لكنّها عارضة، فأشبهت ضمّة الإعراب، فلذا جاز إتباعها. أفاده العلامة الصبّان؛ لأنّه قال: والمتّجه وفاقا لبعضهم: أنّ ضمة التابع إتباع، لا إعراب، ولا بناء. وقيل: إنّ رفع التابع المذكور إعراب، واستشكل بعدم المقتضى للرّفع، وأجيب بأنّ العامل يقدّر من لفظ عامل المتبوع مبنيّا للمجهول نحو: يدعى، وهو مع ما فيه من التكلّف يؤدّي إلى قطع المتبوع. وقيل: إنّ رفع التابع المذكور بناء؛ لأنّ المنادى في الحقيقة هو المحلّى بال، ولكن لمّا لم يمكن إدخال حرف النداء عليه؛ توصّلوا إلى ندائه ب‍ «أي» أي: مع قرنها بحرف التنبيه، وردّه بعضهم بأنّ المراعى في الإعراب اللّفظ، وأنّ الأوّل منادى، والثاني تابع له، والإعراب السّائد الآن أن تقول: مرفوع تبعا للفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>