للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحِدَةً. فبيّن الله سبحانه الحكمة من ذلك بقوله: {كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً} الآية رقم [٣٢] من سورة (الفرقان).

هذا؛ والكتاب في اللغة: الضم، والجمع، وسمّيت الجماعة من الجيش: كتيبة؛ لاجتماع أفرادها على رأي واحد، وخطّة واحدة، كما سمّي الكاتب كاتبا؛ لأنّه يضم الكلام بعضه إلى بعض، ويجمعه، ويرتّبه. وهو في الاصطلاح: اسم لجملة مختصّة من العلم، مشتملة على أبواب، وفصول، ومسائل غالبا، وقد أكثر الشعراء في مدح الكتاب.

وبالجملة فالكتاب هو نعم الذّخر، والعدّة، والشّغل، والحرفة، جليس لا يضرّك، ورفيق لا يملّك، يطيعك باللّيل طاعته بالنهار. ويطيعك في السّفر طاعته في الحضر، إن ألفته على الأيام؛ خلّد ذكرك، وإن درسته؛ رفع بين النّاس قدرك. وإن أردت الزّيادة فانظر سورة (البقرة) رقم [١٠١].

وأمّا الكفر: فهو ضدّ الإيمان، وهو المراد في الآية، وقد يكون بمعنى جحود النّعمة، والإحسان، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في النّساء، في حديث الكسوف: «ورأيت النّار، فلم أر منظرا كاليوم قطّ أفظع، ورأيت أكثر أهلها النّساء» قيل: بم يا رسول الله؟! قال: «بكفرهنّ» قيل:

أيكفرن بالله؟ قال: «يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهنّ الدّهر كلّه، ثمّ رأت منك شيئا؛ قالت: ما رأيت منك خيرا قطّ». أخرجه البخاريّ، وغيره. ويروى بأطول من هذا من رواية أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-. وأصل الكفر في كلام العرب السّتر، والتغطية. قال لبيد-رضي الله عنه-في معلّقته في وصف بقرة وحشية: [الكامل]

يعلو طريقة متنها متواتر... في ليلة كفر النّجوم غمامها

وسمّي الزارع: كافرا؛ لأنّه يلقي البذر في الأرض، ويغطّيه، ويستره بالتّراب. قال تعالى في تشبيه حال الدنيا في سورة (الحديد) رقم [٢٠]: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ} ويسمّى الليل:

كافرا؛ لأنّه يستر كلّ شيء بظلمته. قال لبيد-رضي الله عنه-: [الكامل]

حتّى إذا ألقت يدا في كافر... وأجنّ عورات الثّغور ظلامها

كما يطلق الكافر على النّهر، قال المتلمّس حين ألقى الصّحيفة في النّهر: [الطويل]

وألقيتها بالثّني من جنب كافر... كذلك ألقي كلّ رأي مضلّل

رضيت لها بالماء لمّا رأيتها... يجول بها التّيّار في كلّ جدول

هذا؛ وكفر فلان النّعمة، يكفرها، كفرا، وكفورا، وكفرانا: إذا جحدها، وسترها، وأخفاها. قال تعالى في سورة (إبراهيم) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:

<<  <  ج: ص:  >  >>