للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليغترّ بذلك. وكلام المعنيين مناسب للمقام، فإنّهم كانوا يريدون أن يطلعوا على أسرار المؤمنين، فيذيعونها إلى المنابذين، وأن يدفعوا عن أنفسهم ما يصيب سائر الكفرة. وانظر سورة (البقرة) رقم [٩] إن أردت الزيادة في ذلك، والخداع، والمخادعة من مكايد الحرب، وهي ممدوحة فيه، قال الرسول المعظم صلّى الله عليه وسلّم: «الحرب خدعة» والمراد بخداعهم الله: خداع الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّ الله لا تخفى عليه خافية في الأرض، ولا في السماء.

{وَهُوَ خادِعُهُمْ} أي: هو مجازيهم على أعمالهم، وذكر لفظ الخداع للمشاكلة، كما في قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ} وإن الله فاعل بهم ما يفعل الغالب في الخداع؛ حيث تركهم في الدنيا معصومين الدماء، والأموال، وأعدّ لهم في الآخرة الدرك الأسفل من النار.

وقيل: يعطون على الصراط نورا، كما يعطى المؤمنون، فيمضون بنورهم، ثم يطفأ نورهم، ويبقى نور المؤمنين، فينادون المؤمنين: {اُنْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} انتهى جمل. {كُسالى:} قرئ بضم الكاف وفتحها، مثل: سكارى، وقرئ: («كسلى») مثل: سكرى، وهو جمع كسلان. هذا؛ والكسل: الفتور، والتواني، وانحطاط الجسم.

{يُراؤُنَ النّاسَ:} من المراءاة، وهي مفاعلة من الرؤيا، ومعناها: أنّ المرائي يري النّاس عمله حسنا، ولا يراقب الله في هذا الحسن. والرياء: شرك، كما صرّحت به الأحاديث الشّريفة الكثيرة، وخذ ما يلي:

عن جندب بن عبد الله-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من سمّع؛ سمّع الله به، ومن يرائي؛ يرائي الله به». رواه البخاريّ، ومسلم.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يقول: «من تزيّن بعمل الآخرة، وهو لا يريدها، ولا يطلبها؛ لعن في السّماوات، والأرض». رواه الطّبرانيّ في الأوسط.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من تحبّب إلى النّاس بما يحبّون، وبارز الله بما يكرهون؛ لقي الله؛ وهو عليه غضبان» رواه الطّبرانيّ في الأوسط.

وعن ابن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من أحسن الصّلاة حيث يراه النّاس، وأساءها حيث يخلو، فتلك استهانة استهان بها ربّه تبارك وتعالى». رواه أبو يعلى.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما؛ لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر بالصّلاة، فتقام، ثمّ آمر رجلا، فيصلّي بالنّاس، ثمّ أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصّلاة، فأحرّق عليهم بيوتهم». رواه البخاريّ، ومسلم. وانظر الإخلاص في الآية [١٤٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>