للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبدّلت بحرف ثابت من جنس ما بعدها، وهي التاء، ثم أدغمت التاء في التاء، ثم اجتلبت ألف الوصل للنطق بها، وقد يستغنى عنها إذا كان معنى الكلام التقرير، كقوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٨٠]: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً} فاستغني عن ألف الوصل بألف التّقرير، ومثله قول ذي الرّمّة: [البسيط]

أستحدث الرّكب عن أشياعهم خبرا... أم راجع القلب من أطرابه طرب؟

ومثل ذلك كلّه قوله تعالى في سورة (مريم) رقم [٧٨]: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً؟،} وقوله تعالى في سورة (الصّافات) رقم [١٥٣]: {أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ؟،} وقوله تعالى في سورة (ص) رقم [٧٥]: {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ؟،} وقوله تعالى في سورة (المنافقون) رقم [٦]: {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}. انظر شرح هذه الآيات في محالّها.

{فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ} أي: عن ذلك الذنب العظيم، فلم نستأصل عبدة العجل. والمقصود من هذا تسلية النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. والمعنى: أنّ هؤلاء الذين يطلبون منك يا محمد أن تنزل عليهم كتابا من السماء إنّما يطلبونه عنادا، ولجاجا، فإنّي قد أنزلت التّوراة جملة على موسى، وآتيته من المعجزات الباهرات، والآيات البينات ما فيه كفاية، ثمّ إنّهم طلبوا الرؤية على سبيل العناد، وعبدوا العجل، وكلّ ذلك يدلّ على جهلهم، وأنّهم مجبولون على العناد، واللّجاج، وفي قوله تعالى: {فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ} استدعاء إلى التّوبة، والمعنى: أنّ أولئك الذين أجرموا لمّا تابوا؛ عفونا عنهم، فتوبوا أنتم؛ نعف عنكم... انتهى خازن.

الإعراب: {يَسْئَلُكَ:} فعل مضارع، والكاف مفعول به أول. {أَهْلُ:} فاعله، و {أَهْلُ} مضاف، و {الْكِتابِ} مضاف إليه. {أَنْ تُنَزِّلَ:} فعل مضارع منصوب ب‍ {أَنْ} والمصدر المؤول منهما في محل نصب مفعول به ثان، والفاعل ضمير مستتر تقديره: أنت. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {كِتاباً:} مفعول به. {مِنَ السَّماءِ:} متعلقان بمحذوف صفة:

{كِتاباً،} والجملة الفعلية: {يَسْئَلُكَ..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها.

{فَقَدْ:} الفاء: واقعة في جواب شرط مقدّر، التقدير: إن تعجبت من سؤالهم؛ فقد سأل آباؤهم أعظم من ذلك. وهذا قول البيضاوي، والنّسفي تبعا للزّمخشري. وأرى: أنّ الفاء للتعليل، التقدير: لا تستغرب، ولا تتعجّب من سؤالهم؛ لأنّهم سألوا موسى... إلخ. (قد):

حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {سَأَلُوا:} ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {مُوسى:} مفعول به أوّل منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدّرة على الألف للتعذر. {أَكْبَرَ:} مفعول به ثان. {مِنْ ذلِكَ:} متعلقان ب‍: {أَكْبَرَ،} واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محلّ له، وجملة: {فَقَدْ سَأَلُوا..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط على رأي البيضاوي... إلخ، ولا محلّ لها على تقديري. والكلام برمّته مستأنف لا محلّ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>