للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيعمّ الأمان، والسّلام الدّنيا في عهده، وسيرعى الأسد مع الإبل، والنّمر مع البقر، والذّئب مع الغنم، وتلعب الصّبيان بالعقارب، والحيات، فلا يؤذي مخلوق مخلوقا، وسيكون الناس كالملائكة يمشون في الأرض مطمئنّين، وستعمّ الرّحمة، والعدالة جميع الكائنات. وخذ ما يلي من الأحاديث الشريفة:

فقد روى ابن ماجة في سننه عن أبي أمامة-رضي الله عنه-قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكان أكثر خطبته حديثا حدّثناه عن الدجال، وحذّرناه، فكان من قوله أن قال صلّى الله عليه وسلّم: «لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم-عليه السّلام-أعظم من فتنة الدّجال، وإنّ الله-عزّ وجل- لم يبعث نبيّا إلا حذّر أمّته الدجال، وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة، فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم؛ فأنا حجيج كلّ مسلم، وإن يخرج بعدي؛ فكلّ حجيج نفسه، وإنّ الله خليفتي على كلّ مسلم، وإنّه يخرج من خلّة بين الشام، والعراق، فيعيث يمينا، ويعيث شمالا، ألا يا عباد الله! أيها الناس فاثبتوا، وإنّي أصفه لكم صفة لم يصفها إيّاه نبيّ قبلي: إنّه يبدأ، فيقول: أنا نبيّ-ولا نبيّ بعدي-ثم يثنّي فيقول: أنا ربّكم-ولا ترون ربكم حتى تموتوا-وإنه أعور-وإن ربكم عزّ وجل ليس بأعور-وإنّه مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كلّ مؤمن كاتب، أو غير كاتب، وإنّ من فتنته: أنّ معه جنّة، ونارا، فناره جنة، وجنته نار، فمن ابتلي بناره؛ فليستغث بالله، وليقرأ فواتح سورة (الكهف) فتكون عليه بردا وسلاما، كما كانت بردا وسلاما على إبراهيم.

وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أمك، وأباك أتشهد أني ربك؟ فيقول:

نعم، فيتمثل له شيطان في صورة أبيه، وأمّه، فيقولان: يا بنيّ اتبعه، فإنّه ربّك. وإن من فتنته أن يسلّط على نفس واحدة، وينشرها بالمنشار حتى يلقى شقّين، ثم يقول: انظروا إلى عبدي هذا، فإنّي أبعثه الآن، ثم يزعم: أنّ له ربّا غيري، فيبعثه الله، فيقول له الخبيث: من ربك؟ فيقول:

ربّي الله، وأنت عدوّ الله أنت الدّجال، والله ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم.

وإنّ من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر، فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، وإنّ من فتنته أن يمرّ بالحيّ، فيكذبونه، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت، وإنّ من فتنته أن يمرّ بالحيّ، فيصدّقونه، فيأمر السّماء أن تمطر، فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت، فتنبت، حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت، وأعظمه، وأمدّه خواصر، وأدرّه ضروعا. وإنّه لا يبقى شيء من الأرض، إلا وطئه، وظهر عليه، إلا مكّة، والمدينة، فإنّه لا يأتيهما من نقب من نقابها إلا لقيته الملائكة بالسّيوف صلتة حتى ينزل عند الظّريب الأحمر عند منقطع السّبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق، ولا منافقة إلا خرج إليه، فتنفي الخبث منها، كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص».

<<  <  ج: ص:  >  >>