وقيل: هو أعمّ منه؛ لأنّ كلّ رسول نبيّ، وليس كلّ نبيّ رسولا. أمّا تعريفهما؛ فالرّسول:
ذكر حرّ من بني آدم، سليم عن منفّر طبعا، أوحي إليه بشرع، يعمل به، ويؤمر بتبليغه، فإن لم يؤمر بالتّبليغ؛ فهو نبيّ، وليس رسولا، فنبينا صلّى الله عليه وسلّم صار نبيّا بنزول سورة (اقرأ) عليه، وبعد ستّة أشهر من نزولها صار رسولا بنزول صدر سورة (المدثر) عليه.
هذا؛ ويروى: أنّ أبا ذرّ-رضي الله عنه-سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن عدد الأنبياء، فقال: «مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا» قال: كم عدد الرّسل؟ قال: «ثلاثمائة وثلاثة عشر، أوّلهم آدم، وآخرهم نبيّكم». أخرجه الإمام أحمد، وفي بعض ألفاظه اختلاف بسيط. هذا؛ وأربعة منهم من العرب:
هم صالح، وهود، وشعيب، ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وإسماعيل بن إبراهيم عليهما السّلام مستعرب لسكناه مكّة مع قبيلة جرهم، وتزوّجه بامرأتين منهم، والمذكور من الرّسل في القرآن بأسمائهم خمسة وعشرون، ومعرفتهم بأسمائهم واجبة على كلّ مسلم، ومسلمة من المكلّفين، وأعني بمعرفتهم: أنّه لو عرض اسم رسول منهم على مسلم؛ فيجب أن يعرف أهو من المرسلين، أم لا؟ هذا؛ وقال تعالى في سورة (غافر) رقم [٧٨] كما في هذه الآية التي بين أيدينا:
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}.
هذا؛ وقد روي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنّه قال: كلّ الرسل من بني إسرائيل إلا عشرة: نوحا، وشعيبا، وهودا، وصالحا، ولوطا، وإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، وإسماعيل، ومحمدا، صلوات الله عليهم جميعا. وذكروا من أنبياء العرب: حنظلة بن صفوان بعث إلى أصحاب الرّسّ، وخالد بن سنان العبسي. انظر أصحاب الرّس، في الآية رقم [٣٨] من سورة (الفرقان) فإنّه جيد، والحمد لله!.
هذا؛ وقد ذكر الله في آيات (الأنعام) رقم [٨٣] وما بعدها ثمانية عشر رسولا بأسمائهم من غير ترتيب، لا بحسب الزّمان، ولا بحسب الفضل؛ لأنّ الواو العاطفة لا تقتضي التّرتيب، وبقي منهم سبعة لم يذكروا في سورة (الأنعام) وقد ذكروا في غيرها، وهم: إدريس، وشعيب، وصالح، وهود، وذو الكفل، وهو ابن أيوب الذي ذكر في سورة الأنبياء، وآدم، ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين، وسلّم تسليما كثيرا، فهؤلاء الخمسة والعشرون رسولا، الّذين يجب الإيمان بهم، ومعرفتهم تفصيلا، وقد نظموا في قول بعضهم: [البسيط]
حتم على كلّ ذي التّكليف معرفة... بأنبياء على التّفصيل قد علموا
في ({تِلْكَ حُجَّتُنا...) منهم ثمانية}
من بعد عشر ويبقى سبعة وهم
إدريس هود شعيب صالح وكذا... ذو الكفل آدم بالمختار قد ختموا
ويعني بقوله: في ({تِلْكَ حُجَّتُنا}) آيات الأنعام [٨٣] وما بعدها. وينبغي أن تعلم: أنّ هؤلاء الرسل ليسوا بدرجة واحدة من الفضل، بل أرفعهم درجة، وأعلاهم منزلة أولو العزم منهم، وهم