للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن العرب من يخففه، ومنهم من يثقّله، وذلك مثل: عسر، ويسر، ورحم... إلخ. {مُبَشِّرِينَ} المطيعين بالجنّة، والرّضا، والرضوان. ({مُنْذِرِينَ}) أي: مخوّفين العاصين من النار، وغضب الواحد القهار. {لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} أي: فيقولون: لولا أرسلت إلينا رسولا، فيوقظنا من غفلتنا، وينبهنا إلى ما يجب الانتباه له، ويعلّمنا ما يلزمنا في ديننا، ودنيانا ممّا سبيل معرفته السّمع، كالعبادات، والشرائع. أعني: في حقّ مقاديرها، وأوقاتها، وكيفياتها، دون أصولها، فإنّها ممّا يعرف بالعقل. انتهى. نسفي بتصرف. وفيه دليل على أنّ الله لا يعذّب الخلق قبل بعثة الرّسل، كما قال تعالى في سورة (الإسراء): {وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً} وفيه دليل أيضا لمذهب أهل السنة على أنّ معرفة الله تعالى لا تثبت إلا بالسمع؛ لأنّ صريح الآية يدلّ على أنّ قبل بعثة الرسل تكون لهم الحجّة في ترك الطّاعات، والعبادات.

هذا؛ ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (طه): {وَلَوْ أَنّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى}. ومثل ذلك الآية رقم [٤٧] من سورة (القصص).

وعن المغيرة بن شعبة-رضي الله عنه-قال: قال سعد بن عبادة-رضي الله عنه-: لو رأيت رجلا مع امرأتي؛ لضربته بالسّيف غير مصفح. فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «أتعجبون من غيرة سعد، فو الله لأنا أغير منه، والله أغير منّي، ومن أجل غيرة الله حرّم الله الفواحش ما ظهر منها، وما بطن، ولا أحدا أحبّ إليه العذر من الله، من أجل ذلك بعث المنذرين، والمبشّرين، ولا أحدا أحبّ إليه المدحة من الله، ومن أجل ذلك وعد الجنّة». متفق عليه. ويروى باختلاف الألفاظ في الصّحيحين عن ابن مسعود-رضي الله عنه-. {وَكانَ اللهُ عَزِيزاً:} قويّا غالبا في انتقامه ممّن خالف أمره، وعصى رسله. {حَكِيماً:} فيما قضى، وقدّر، وحكم.

الإعراب: {رُسُلاً:} منصوب على المدح بفعل محذوف، أو بتقدير: أرسلنا رسلا، أو على الحال من الضمير المنصوب أو على البدلية من: ({رُسُلاً}) حالا في الآية السابقة. {مُبَشِّرِينَ:}

صفة: {رُسُلاً} أو حال من الضمير المنصوب في الآية السابقة، فيكون: {رُسُلاً} حالا موطئة على وجه فيه. ({مُنْذِرِينَ}): معطوف على سابقه منصوب مثله، وعلامة النصب فيها الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنّه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

{لِئَلاّ:} اللام: حرف تعليل، وجر. (أن): حرف مصدري، ونصب. (لا): نافية.

{يَكُونَ:} فعل مضارع ناقص منصوب ب‍: (أن). {لِلنّاسِ:} متعلّقان بمحذوف خبر: {يَكُونَ} تقدّم على اسمه. {عَلَى اللهِ:} متعلّقان بالخبر المحذوف، أو بمحذوف حال من الضمير المستتر في الجار والمجرور قبلهما. وقيل: متعلقان بمحذوف حال من: {حُجَّةٌ} كان صفة له، وهو غير مسلّم، وأرى جواز تعليقهما ب‍: {حُجَّةٌ} لأنّه مصدر، خلافا لمن منع ذلك؛ لأنّ الظروف

<<  <  ج: ص:  >  >>