والوعد بالإجابة إليها، والوعيد على جحدها وإنكارها. و {بِالْحَقِّ:} دين الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده. وقيل: جاءكم بالقرآن الذي هو الحق. {فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ} أي: فآمنوا، وصدقوا بما جاءكم به محمّد صلّى الله عليه وسلّم يكن الإيمان بذلك خيرا لكم من الكفر الذي أنتم عليه. {وَإِنْ تَكْفُرُوا} أي:
تجحدوا نبوّة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وتكذبوا بما جاءكم به من الحقّ من عند ربكم.
{فَإِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:} ملكا، وخلقا، وعبيدا، ومن كان كذلك لم يكن محتاجا إلى شيء، وهو القادر على ما يشاء، ويريد، وانظر الآيتين رقم [١٣١ و ١٣٢] تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك. {وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً:} تقدّم مثلها كثيرا.
هذا؛ و (خير): أفضل، فهو أفعل تفضيل، أصله: أخير. نقلت حركة الياء إلى الخاء قبلها؛ لأنّ الحرف الصّحيح أولى بالحركة من حرف العلة، ثمّ حذفت الهمزة استغناء عنها بحركة الخاء، ومثله قل في: حبّ، وشرّ اسمي تفضيل، إذ أصلهما: أحبب، وأشرر، فنقلت حركة الباء الأولى والراء الأولى إلى ما قبلهما، ثم أدغم الحرفان المتماثلان في بعضهما، ثم حذفت الهمزة من أولهما استغناء بحركة الخاء، والشين، وقد يستعمل: خير، وشر على الأصل، كقراءة بعضهم قوله تعالى في سورة (القمر): {(سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ)} ونحو قول رؤبة بن العجاج: [الرجز]
يا قاسم الخيرات وابن الأخير... ما ساسنا مثلك من مؤمّر
وخير، وشر، وحب يستعملن بصيغة واحدة للمذكر، وللمؤنث، والمفرد، والمثنى، والجمع.
الإعراب: {يا أَيُّهَا النّاسُ:} انظر الآية رقم [١٣٣] ففيها الكفاية، والجملة الندائية ابتدائية، لا محلّ لها. {قَدْ:} حرف تحقيق، يقرّب الماضي من الحال. {جاءَكُمُ:} ماض، ومفعوله.
{الرَّسُولُ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من: {النّاسُ،} والرابط: الضمير فقط، والعامل في الحال أداة النداء؛ لأنّها بمعنى: أدعو، ووقوع الحال من المنادى مستعمل عربية، كما في قول الشاعر: [البسيط]
يا أيّها الرّبع مبكيّا بساحته
{بِالْحَقِّ:} متعلقان بمحذوف حال من: {الرَّسُولُ}. أو هما متعلّقان بالفعل قبلهما. {مِنْ رَبِّكُمْ:} متعلّقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من: (الحق) فتكون حالا متداخلة، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه.
{فَآمِنُوا:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنّها تفصح عن شرط مقدّر. (آمنوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها جواب لشرط