للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمور. والكلالة: هو الذي لا ولد له، ولا والد، رجلا كان أو امرأة. وتفسيرها بهذا هو المعتمد. وقيل: الكلالة: الورثة. وقيل: المال الموروث، واشتقاقها من الكلال، وهو ذهاب القوّة من الإعياء، فكأنّ الميراث يصير للوارث بعد إعياء، وذلك لعدم أصول، وفروع للميّت، وخذ قول الأعشى: [الطويل]

إليك أبيت اللّعن كان كلالها... إلى الماجد القرم الجواد المحمّد

وقوله أيضا في قصيدته التي مدح بها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: [الطويل]

فآليت لا أرني لها من كلالة... ولا من وجى حتّى تلاقي محمّدا

{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ:} مات، قال تعالى في آخر سورة (القصص): {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ} أي: كل شيء يفنى، ولا يبقى إلا الله، عزّ وجل. هذا؛ وأصل «امرئ» المرء، ولمّا كثر استعمالهم لها حتّى أصبحت تستعمل للدّلالة على الإنسان، وعلى الحيوان مجازا، وكان الهمز في آخرها ثقيلا بعد السكون خفّفوها بحذف الهمزة، وإلقاء حركتها على الرّاء، فقالوا: المر، وبذلك أشبهت الرّاء منها من: (ابن) في تلقى حركات الإعراب، ولإعلالهم هذه الكلمة كثيرا بحذف الهمز، شبّهوها بما حذف آخره، نحو: (اسم، ابن، است) فجبروه بهمزة وصل في حالة التنكير، ثم ردّوا إليها الهمزة، فقالوا: امرؤ، وبذلك أصبحت تعرب من مكانين، فتظهر حركات الإعراب فيها على الرّاء والهمزة، فتقول: هذا امرؤ، ورأيت امرأ، ومررت بامرئ، قال تعالى:

{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ،} {ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ،} {كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ}.

ومثل «امرئ» كلمة: (ابن) إذا زيدت في آخرها (ما) فإنّ حركة الإعراب تظهر على النون والميم، فتقول: حضرا ابنم، ورأيت ابنما، ومررت بابنم. ولا ثالث لهما في اللغة العربية، فاحفظه؛ فإنّه جيد، والحمد لله.

{لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} أي: ابن، بخلافه في الآية رقم [١٢] فإنّه يطلق على الابن، والبنت، وليس له والد أيضا، وإنّما فسر الولد بالابن الذّكر هنا؛ لأنّه يسقط الأخت، ولا تسقطها البنت، بل ترث معها؛ لأنّها تصير معها عصبة، كما هو مقرّر في المواريث.

{وَلَهُ أُخْتٌ} أي: لأب، أو لأبوين معا، أما الأخت، والإخوة لأم فإنّهم من الأرحام، وقد تقرّر حكمهم في الآية رقم [١٢]. {فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ:} يرث كلّ مالها عند عدم وجود الابن لها، وما يبقى بعد فرض البنت إن وجدت لها، وكذا بعد فرض الزّوج إن وجد، وانظر شرح: (إن لم) في الآية رقم [٩١].

{فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ} أي: فإن كانت الأختان اثنتين، أو أكثر. {فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَكَ:} وإنّما ثنّى الضّمير، ولم يتقدّم إلا ذكر واحدة؛ لأنّه محمول على المعنى؛ لأنّ تقديره عند الأخفش:

<<  <  ج: ص:  >  >>